لماذا نحفظ القرآن الكريم؟

إن حفظَ القرآنِ الكريمِ من أجلِ القرباتِ، وأفضل الطاعات، وقد حثَ النبيُ صل الله عليه وسلم أمته على حفظِ القرآنِ الكريمِ ومدارستِه وتدبره وتعلمِّه وتعليمِه، وبيّنَ فضلَ أهلِه وحملتِه، وها هي بعضُ فوائدِ الحفظِ وفضائلِه ليكونَ ذلك باعثًا للهممِ، فمنْ عرفَ الأجرَ هانتْ عليه المصاعبُ والمشاقُ .

أولًا : حافظُ القرآنِ من الذينَ أوتُوا العلم:

قالَ سبحانه وتعالى: ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ﴾ [العنكبوت: 49]. فوصفَ اللهُ الذينَ حفظُوا القرآنَ وكانَ القرآنُ في صدورِهم أنهم من الذينَ أوتُوا العلم، ويكفي الحافظُ لكتابِ اللهِ سبحانَهُ وتعالى عزًا وشرفًا أن يوصفَ بهذا الوصفِ.

ثانيًا : حافظُ القرآنِ من أهلِ اللهِ وخاصتِه:

عَنْ أَنَسٍ ﭬ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ، قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ» [أحمد 3/127، وصححه الألباني]. وأَهْلُ الْقُرْآنِ: هُمْ حفظتُه العاملونَ به، وكفى بهذا شرفًا أن أضافهم اللهُ إلى نفسهِ.

ثالثًا : حافظُ القرآنِ يصعدُ لأعلى درجات الجنة:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ﭭ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا» [الترمذي 2914، قال الألباني: حسن صحيح]، قالَ ابنُ حجر الهيتمي: «الخبرُ المذكورُ خاصٌ بمن يحفظُه عن ظهرِ قلبٍ، لا بمن يقرأُ بالمصحف»، وهل في الآخرةِ مصاحفٌ يقرأُ منها أحدٌ؟!

رابعًا : حافظُ القرآنِ يصعدُ لأعلى درجات الجنة:

عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صل الله عليه وسلم قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ» [البخاري 4937]. قالَ ابنُ الأثير: «مع السفرةِ الكرامِ البررة أي: الملائكة».

خامسًا : حافظُ القرآنِ مقدم على غيره في الدنيا والآخرة:

ومن المواطن التي يقدم فيها حافظُ القرآنِ على غيره ما يلي:
أ‌- إمامةُ الصلاةِ: عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ» [مسلم 673]، أَقْرَؤُهُمْ أي: أحفظُهم.
ب‌- المشورةُ والرأي: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: «كَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابُ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا» [البخاري 7286].
جـ- الدفنُ بعدَ الموتِ: عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صل الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ». [البخاري 1343]، فتكريمُ حافظِ القرآنِ لم يقفْ عندَ هذه الدارِ بل تجاوزَها إلى الدارِ الباقيةِ، فيقدمُ في قبرهِ، وهنيئًا لهُ ما يلقاهُ بعدَ ذلكَ.

سادسًا : حافظُ القرآنِ يوضعُ على رأسِهِ تاجُ الوقارِ ويُكسى والداه حلتين:

عَنْ بُرَيْدَةَ عَن النَّبِيِّ صل الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ، فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: مَا أَعْرِفُكَ، فَيَقُولُ: أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ، الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ، وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ، فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ، وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لاَ يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا، فَيَقُولاَنِ: بِمَ كُسِينَا هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا، فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ، هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا» [أحمد 394، وحسنه الألباني].

سابعًا : حافظُ القرآنِ يستحقُ التكريمَ والتوقيرَ:

عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ: إِكْرَامَ ذِى الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِى فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِى السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ». [أبو داود 4843، وحسنه الألباني]، فإكرامُ حاملِ القرآنِ من إجلالِ اللهِ سبحانه.

ثامنًا : حافظُ القرآنِ أكثرُ الناسِ تلاوةً له فهو أكثرُهم جمعًا لأجرِ التلاوةِ:

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صل الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ آلم حَرْفٌ، وَلكَنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرفٌ». [الترمذي 2910، وصححه الألباني]، وعَدَدُ أَحْرُف الْقُرْآنِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلاَثمِائَةِ أَلْفِ حَرْفٍ، وَفِي أَجْر خَتْمَتِهِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلاَثةِ مَلايِين حَسَنَةٍ، فَعِنْدَمَا تَقْرَأ بِالْبَسْمَلَة فَقَطْ مائَة وَتِسْعُونَ حَسَنَة، فإذا كانَ هذا الأجرُ الجزيلُ يعطي للقارئِ فما بالكم بالذي يحفظُ؟! ذلك لأنهُ من المعلوم أن الذي يحفظُ قد داومَ على القراءةِ كثيرًا، وما زالَ يداومُ حتى يثبتَ حفظَه، فالعقلُ القاصرُ لا يمكن أن يتخيلَ حجمَ الثوابِ الهائلِ الذي يأخذُه القارئُ ومن ثم الحافظ للقرآن.

تاسعًا : حافظُ القرآنِ إذا حَفَّظَ غيرَه آية فله أجرها ما تليت:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم: «مَنْ علمَ آيةً من كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ كانَ له ثوابها ما تليت». [أخرجه القطانُ 4/243/2، وصححه الألباني]، من علمها بنفسه أو علمها بماله فله أجرُها ما تليت، كلمَا رددَّها حافظُها، كلمَا راجعَها، كلمَا قامَ يصلي بها، كلمَا تلاها عادَ إلى صحيفة من حفظه مثل أجرِها، الحرفُ بحسنةٍ، والحسنةُ بعشرٍ إلى سبعمائةِ ضعفٍ، واللهُ يضاعفُ لمن يشاءُ.

عاشرًا : حافظُ القرآنِ لا يرد إلى أرذل العمر:

وأرذلُ العمرِ: هو الخَرَف والهِرَم، وضعفُ القوةِ والعقلِ، فعن ابن عباس قالَ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ»، وقال الشنقيطي: «وقد تواترَ عندَ العامةِ والخاصةِ أن حافظَ كتابِ اللهِ المداومَ على تلاوتهِ لا يُصابُ بالخرفِ ولا الهذيانِ، وقد شاهدنا شيخ القراءِ بالمدينةِ المنورةِ الشيخ حسن الشاعر لا زالَ على قيدِ الحياةِ عندَ كتابةِ هذه الأسطرِ تجاوزَ المائة بكثير وهو لا يزال يقريء تلاميذَهُ القرآنَ ويعلمهم القراءاتِ العشرِ وقد يسمع لأكثر من شخص يقرءون في أكثر من موضع وهو يضبط على الجميع» [أضواء البيان 9/ 8].

حادي عشر : حافظُ القرآنِ يقرأ في كل أحواله:

فبإمكانه أن يقرأ وهو يعمل، أو يقود سيارته، أو في الظلام، ويقرأ ماشيًا ومستلقيًا، فهل يستطيع غير الحافظ أن يفعل ذلك؟!

ثاني عشر : حافظُ القرآنِ لا يعوزه الاستشهاد بآيات القرآن الكريم في حديثه وخطبه ومواعظه:

أما غير الحافظ فكم يعاني عند الحاجة إلى الاستشهاد بآية، أو معرفة موضعها.

ثالث عشر : حفظُ القرآنِ سببٌ لنيلِ رضا اللهِ:

عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ صل الله عليه وسلم قَالَ: «يَجِيءُ صَاحِبُ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ الْقُرْآنُ: يَا رَبِّ حَلِّهِ، فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ زِدْهُ، فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ، فَيَرْضَى عَنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَارْقَ وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً» [الترمذي 2915، وحسنه الألباني].

رابع عشر : حفظُ القرآنِ سببٌ للنجاةِ في الدنيا:

عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِىَّ صل الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ» [مسلم 809]؛ فإذا كانَ النجاةُ من أكبر فتنة على ظهرِ الأرضِ، ألا وهي فتنةُ الدجالِ ثمرة حفظِ عشرِ آيات من أولِ سورةِ الكهفِ، فكيفَ بمن حفظ القرآن كله.

خامس عشر : حفظُ القرآنِ سببٌ للنجاةِ في الآخرةِ:

عَنْ عِصْمَة بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صل الله عليه وسلم: «لَوْ جُمِعَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا أَحْرَقَهُ اللهُ بِالنَّارِ». [الطبراني في الكبير 5901، وحسنه الألباني]، والمعنى: لو جمع القرآن في جلد لم يحرق الله ذلك الجلد بالنار، فكيف بجسم الحافظ. قال أحمد بن حنبل: «يرجى لمن كان القرآن محفوظًا في قلبه أن لا تمسه النار».

سادس عشر : حفظُ القرآنِ الكريم رفعةٌ في الدنيا والآخرة:

عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِىَ عُمَرَ ﭬ بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ: مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِى؟ فَقَالَ: ابْنَ أَبْزَى، قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا، قَالَ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى! قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، قَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صل الله عليه وسلم قَدْ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» [مسلم 817، وقوله: إن الله يرفع بهذا الكتاب- يعني القرآن- أقوامًا أراد يرفع حافظيه والعاملين به]، فهذا ابن أَبْزَى -وهو عبد أعتق- أصبح أميرًا على أشراف أهل مكة من الصحابة والتابعين.

سابع عشر : القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة:

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صل الله عليه وسلم يَقُولُ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا». [مسلم 804، والغمامُ: السحابُ، وتحاجان: تدافعان وتجادلان بالحجة والبرهان].

ثامن عشر : الغبطة الحقيقية تكون في القرآن وحفظه:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم: «لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ» [البخاري 7529].

تاسع عشر : حفظُ القرآنِ مهرٌ للصالحاتِ من المؤمناتِ، وأنعم به من مهرٍ:

فالنبي صل الله عليه وسلم زَوَّجَ رجلاً فقيرًا امرأة بما معه من القرآن، فقَالَ له: مَاذَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، عَدَّهَا، قَالَ: أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ» [البخاري 5030].

عشرين : حفظُ القرآنِ ميسرٌ للناسِ كلهم، ولا علاقة له بالذكاءِ أو العمرِ:

فقد حفظه الكثيرون، بل حفظه الأعاجم الذين لا يتكلمون العربية، فضلًا عن الأطفال، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: 17]، قال القرطبي: «أي سهَّلناه للحفظ، وأعنَّا عليه مّنْ أراد حفظه، فهل من طالب لحفظه فيعان عليه؟».

واحد وعشرين : في حفظ القرآن تأسي بالنبي صل الله عليه وسلم والسلف الصالح:

فقد كان صل الله عليه وسلم يحفظه، ويراجعه مع جبريل ڠ، أما السلف: قال ابن عبد البر: «طلب العلم درجات ورتب لا ينبغي تعديها، ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف رحمهم الله، فأول العلم حفظ كتاب الله عز وجل وتفهمه».

ثاني وعشرين : مَنْ حفظَ السبعَ الطوالَ فهو حَبْرٌ:

عَنْ عَائِشَةَ ڤ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صل الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الأُوَل مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» [أحمد 24575، وحسنه الألباني]، وحبرٌ: يعني عالم، والسبعُ الأولُ: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة، فكيفَ بمن حفظَ القرآنَ كله.

أسألُ اللهَ أنْ يكونَ فيما ذكرْتُ كفايةٌ لشحذِ الهممِ لحفظِ القرآنِ الكريمِ، وما تركْتُ من الفوائدِ أكثر.

زر الذهاب إلى الأعلى