وقفة مع آية

سلسلة آية استوقفتني المجموعة الرابعة

♡آية استوقفتني (٣١)♡

﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾

[البقرة: 128]

يسألان الله التوبة، رغم ما حباهما الله به من النبوة، وقد فرغا للتو من بناء أعظم بيوت الله على الأرض، والواحد منا يغفل عن تجديد التوبة، وهو متلبس بالتقصير صباح مساء!

************************************

♡آية استوقفتني (٣٢)♡

﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾

[البقرة : 129]

الصالح بعيد النظر ينشغل بإيمان الأجيال القادمة أكثر من انشغاله بأبدانهم.

************************************

♡آية استوقفتني (٣٣)♡

﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ﴾

[البقرة : 130]

هل تعرفت على ملة إبراهيم والتزمتها؟

﴿فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران : 95]

الحنيف: المخلص لله، المؤثر له على ما سواه، المائل لكل ما يحبه ويرضاه.

هل تأسيت بإبراهيم في ولاءه وبراءه؟

﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة : 4]

كم هدى اقتديت بإبراهيم فيه؟

﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام : 90]

ولذلك قال الله تعالى:

﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ۗ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران : 68]

ولكل ما سبق أوصانا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقول في كل صباح: “أصبحنا على فطرة الإسلام، وعلى كلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمد، وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين” وكذلك في كل مساء.

************************************

♡آية استوقفتني (٣٤)♡

﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾

[البقرة : 131]

انظر إلى روعة وسرعة استجابته لله سبحانه وبحمده!!!

وأنت!

كيف هي استجابتك لأوامر ربك؟

وما هو مستوى استسلامك لله سبحانه وبحمده؟

************************************

♡آية استوقفتني (٣٥)♡

﴿وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [البقرة : 132]

بماذا توصي أولادك وأهلك؟

هل أنت منشغل بأمر هذا الدين لدرجة أن توصي أولادك وأهلك دوما بالتزامه والحفاظ عليه؟

وهل استشعرت تكريم الله لك بأن اصطفى لك الدين؟

وهل تجتهد فعلا في أن تعيش على الإسلام لتموت من المسلمين؟

************************************

♡آية استوقفتني (٣٦)♡

﴿أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾

[البقرة : 133]

هل انشغلت فعلا بتفقد ما سيكون عليه أبناؤك من بعدك في أمر العبادة؟

هل انشغلت بإيمانهم كانشغالك بأبدانهم؟

هل تتخيل أن يعقوب كان سيسمع تلك الإجابة من بنيه ويطمئن إلى صدقهم فيها، وهو يهمل بناء إيمانهم كما نفعل نحن اليوم مع أبنائنا؟

************************************

♡آية استوقفتني (٣٧)♡

﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾

[البقرة : 134]

لو استقرت هذه في قلوبنا لعصمتنا من الانشغال بكثير مما لا يعنينا، والذي كاد يهلكنا ويردينا.

لن يسألك الله عما كسبه فلان، وإنما سيسألك عما كسبته أنت فانشغل بخاصة نفسك.

أمسك عليك لسانك،

وابك على خطيئتك.

************************************

♡آية استوقفتني (٣٨)♡

﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا﴾

[البقرة : 137]

إلى المشتاقين إلى الهداية! هذا أقصر الطرق إليها؛ أخلصوا لله النية، واتبعوا ما كان عليه نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم من منهجية.

اجتهد في مشابهتهم في باب الإيمان، وستصل إن شاء الله إلى أعلى مراتب الهداية والإحسان.

القرآن هو كتاب الإيمان الأول، ولقد تميز منهج الصحابة في التعامل معه بالعناية بالمباني والمعاني معا مع تقديم المعاني علمًا وعملًا على المباني حفظًا واستظهارًا.

والسؤال الأهم:

أين أنت من منهجيتهم؟

وأين حرصك على التزام طريقتهم؟

وإلى أين وصلت في الاقتداء بهم؟

وأين إيمانك من إيمانهم؟

************************************

♡آية استوقفتني (٣٩)♡

﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾

[البقرة : 137]

أعرفت سبب الشعور بالشقاق والاضطراب والحيرة الذي تجده؟

إنه باختصار التولي والإعراض عن اتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام.

فمثلا يضع الواحد نفسه في مسألة التعامل مع القرآن في (شق) مختلف عن الشق الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ثم يشكو من الحيرة والاضطراب، وتكبد المشاق والصعاب.

 

كيف يطيق الواحد منا أن يشاقق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ويخالف منهجهم اتباعا لهواه أو مسايرة للواقع أو موافقة لمتبوع من البشر؟

************************************

♡آية استوقفتني (٤٠)♡

﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ  فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾

[البقرة : 137]

لا يسلم المتبع لمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم من إيذاء الذين يخالفون المنهج والذين ربما كانوا صالحين في الجملة.

ومن العجيب أن ذلك الإيذاء قد يصل إلى حد اتهامه بالبدعة ومخالفة المنهج، زاعمين أنهم إنما يريدون حماية المنهج.

وصدقوا في زعمهم (حماية المنهج)، لكن المنهج الذي يريدون حمايته هو منهجهم هم الذين يريدون حمل الناس على اتباعه قسرا، ويحرصون على إرهاب الناس فكريا إن هم خالفوه أو اعترضوا عليه.

وفي الغالب يكون لدى هؤلاء من الإمكانيات ما يسخرونه لإيذاء الذي يحرص على اتباع المنهج أو إحيائه، فيعوقونه ويضايقونه.

وفي وسط أمواج تلك الفتن المتلاطمة، والأحزان المتراكمة، يحتاج المتبع للمنهج والمحيي له إلى الكفاية، فتأتي البشرى ﴿فسيكفيكهم الله﴾ بردا وسلاما على قلبه.

ولقد أخبر ابن القيم أن كل من سار على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فله نصيب من أمثال تلك الكفاية.

فأبشر وانطلق أيها المتبع للمنهج القويم، ولا تبال بالمخالفين والمعوقين، فكلما زاد نصيبك من إحياء المنهج في نفسك وغيرك، زاد نصيبك من الهداية والكفاية.

************************************

المصدر: آية استوقفتني د. شريف طه يونس.

************************************

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى