البلاغة والإعجاز البياني

لمسات بيانية من سورة البقرة صفحة رقم 9

[58] ﴿ادْخُلُوا هَـٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ﴾، ﴿اسْكُنُوا هَـٰذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ﴾ [الأعراف: 161] الفاء والواو كلتاهما أدوات عطف، لكنَّ الفاء تفيد التعقيب، مما يعني أنه بمجرد الدخول يأكلون وهذا من التكريم، وهذا المعنى لا تفيده الواو التي تفيد مطلق الاشتراك في الحكم.

[60] جاء في سورة البقرة: ﴿فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا﴾، وجاء في سورة الأعراف: ﴿فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا﴾ [١٦٠]، فماذا حدث فعلًا هل انفجرت أو انبجست؟ هل خروج الماء كان كثيرًا أو قليلًا؟ الجواب: كلاهما، خروج الماء كان كثيرًا في البداية، لكنه قلَّ بسبب معاصيهم، ليس هذا تعارضًا كما يظن البعض، لكن ذكر الحالة بحسب الموقف الذي هم فيه، لما كان فيهم صلاح قال: (انفجرت)، ولما كثرت معاصيهم قال: (انبجست).

[61] ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ﴾ لم يقل ربنا سبحانه: (أصابتهم الذلة والمسكنة)، فقد شبَّه الله تعالى الذلة والمسكنة في هذه الآية بالقبة التي أحاطت أهلها من كل جانب، وأظلتهم فلازموها ولم يغادروها، فكانت بيتهم الذي لا يحولون عنه.

[61] ﴿وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ [آل عمران: 21]، ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾: (الأنبياء) جمع كثرة، لذا ناسب أن يأتي مع الإضافة للنكرة (بِغَيْرِ حَقٍّ) التي للعموم، أما (النبيين) جمع قلة، لذا ناسب أن تأتي مع الإضافة للمعرفة (بِغَيْرِ الْحَقِّ) التي تدل على القلة.

زر الذهاب إلى الأعلى