
لمسات بيانية من سورة البقرة صفحة رقم 10
[62] ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ وهذه طريقة القرآن:
إذا وقع في بعض النفوس عند سياق الآيات بعض الأوهام، فلا بد أن تجد ما يزيل ذلك الوهم؛ لأنه تنْزيل مَنْ يعلم الأشياء قبل وجودها، ومَنْ رحمتُه وسعت كل شيء
وذلك -والله أعلم- أنه لما ذكر بني إسرائيل وذمَّهم وذكر معاصيهم وقبائحهم، ربما وقع في بعض النفوس أنهم كلهم يشملهم الذم
فأراد الباري تعالى أن يبين من لم يلحقه الذم منهم بوصفه، ولما كان أيضًا ذكر بني إسرائيل خاصة يوهم الاختصاص بهم؛ ذكر تعالى حكمًا عامًا يشمل الطوائف كلها؛ ليتضح الحق، ويزول التوهم والإشكال.
[65] ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾ بيان حكمة الله في مناسبة العقوبة للذنب؛ فالذنب الذي فعلوه أنهم فعلوا شيئًا صورته صورة المباح؛ ولكن حقيقته غير مباح، فصورة القرد شبيهة بالآدمي؛ ولكنه ليس بآدمي؛ وهذا لأن الجزاء من جنس العمل.
[69] ﴿فَاقِعٌ لَّوْنُهَا﴾ لو قال تعالى: (بقرة صفراء) لعلِم بنو إسرائيل أنه لون الصُفرة سيما أن هذا اللون نادر في البقر فلم قيَّد الصفرة بصفة فاقع؟ في هذا التعبير مزيد من التعجيز والتقييد، وتحديد لبقرة بعينها دون سواها، وهنا تضييق على بني إسرائيل، فعندما شدَّدوا شدَّد الله تعالى عليهم.