أسباب النزول | المصدر |
---|---|
* سَبَبُ النُّزُولِ: أخرج الترمذي عن أم سلمة - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله، لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة فأنزل الله تعالىأَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ). * دِرَاسَةُ السَّبَبِ:هكذا جاء في سبب نزول الآية الكريمة. وقد أورد جمهور المفسرين هذا الحديث عند تفسير الآية كالطبري والبغوي وابن عطية والقرطبي.قال الطبريوذُكر أنه قيل لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما بال الرجال يذكرون ولا تذكر النساء في الهجرة فأنزل الله هذه الآية). اهـ.وقال ابن عطيةوروي أن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: يا رسول الله، قد ذكر الله تعالى الرجال في الهجرة ولم يذكر النساء في شيء من ذلك فنزلت الآية). اهـ.والراجح - والله أعلم - أن الآية لم تنزل بسبب قول أم سلمة - رضي الله عنها - لوجهين: الأول: أن هذا لم يصح عنها - رضي الله عنها - للعلة المذكورة في إسناد الحديث.الثاني: أن السياق القرآني لا يؤيد هذا ولا يسعفه، وإنما يؤيد أن الآية جاءت جواباً من الله لهؤلاء الذين يدعونه رهباً ورغباً بقولهمفَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .. ) إلى قولهم .. (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194).ثم قالفَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ). ولو كانت الآية نزلت بسبب قول أم سلمة - رضي الله عنها - لانقطع الاتصال بين الدعاء والجواب وهذا لا يخفى على من تأمله.ولهذا قال الطبري مؤيداً لهذا المعنى بعد سياق الآيةيعني تعالى ذكره فأجاب هؤلاء الداعين بما وصف الله عنهم أنهم دعوا به ربهم بأني لا أضيع عمل عامل منكم عمل خيراً ذكراً كان العامل أو أنثى) اهـ.وقال ابن كثير بعد سياق الآيةومعنى الآية أن المؤمنين ذوي الألباب لما سألوا ما سألوا مما تقدم ذكره فاستجاب لهم ربهم عقب ذلك بفاء التعقيب كما قال تعالىوَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وقوله تعالىأَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) هذا تفسير للإجابة أي قال لهم مخبرًا أنه لا يضيع عمل عامل منكم لديه، بل يوفى كل عامل بقسط عمله من ذكر أو أنثى) اهـ. *النتيجة: أن الآية لم تنزل بسبب قول أم سلمة - رضي الله عنها - وإنما جاءت جوابًا من الله سبحانه لهؤلاء الخاشعين الذين يدعون ربهم رغبةً في جزائه وعطائه ورهبة من عقابه وعذابه فاجابهم المنعم المتفضل إلى ما طلبوا ونجاهم مما هربوا والله ذو الفضل العظيم، وإنما اخترت هذا لدلالة سياق الآيات عليه وعدم وجود معارض راجح صحيح والله أعلم.' | لباب النقول |