مطلب : في الدليل على بطلان قول النصارى في أن المسيح إله
قوله تعالى : { مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ } فيه أوضح الدلالة على بطلان قول النصارى في أن المسيح إله ، لأن من احتاج إلى الطعام فسبيله سبيل سائر العباد في الحاجة إلى الصانع المدبر ، إذْ كان من فيه سِمَةُ الحَدَثِ لا يكون قديماً ، ومن يحتاج إلى غيره لا يكون قادراً لا يعجزه شيء . وقد قيل في معنى قوله : { كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ } إنه كناية عن الحَدَثِ ، لأن كل من يأكل الطعام فهو محتاج إلى الحدث لا محالة . وهذا وإن كان كذلك في العادة فإن الحاجة إلى الطعام والشراب وما يحتاج المحتاجُ إليهما من الجوع والعطش ظاهر الدلالة على حدث المحتاج إليهما وعلى أن الحوادث تتعاقب عليه ، وأن ذلك ينفي كونه إلهاً وقديماً .