الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْله تَعَالَى : { إلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ } .
الْمَعْنَى إلَّا مَنِ انْضَافَ مِنْهُمْ إلَى طَائِفَةٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ ، فَلَا تَعْرِضُوا لَهُمْ ؛ فَإِنَّهُمْ عَلَى عَهْدِهِمْ ، ثُمَّ نُسِخَتِ الْعُهُودُ فَانْتَسَخَ هَذَا ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي بِإِيضَاحِهِ وَبَسْطِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْله تَعَالَى : { أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ } :
هَؤُلَاءِ قَوْمٌ جَاءُوا وَقَالُوا : لَا نُرِيدُ أَنْ نُقَاتِلَ مَعَكُمْ وَلَا نُقَاتِلُ عَلَيْكُمْ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا مُعَاهَدِينَ عَلَى ذَلِكَ ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْعَهْدِ ، وَقَالُوا : لَا نُسْلِمُ وَلَا نُقَاتِلُ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْبَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ تَأَلُّفًا حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى وَيَشْرَحَهَا لِلْإِسْلَامِ . وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ .
وَمِثْلُهُ الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا ، وَقَدْ بَسَطْنَاهَا بَسْطًا عَظِيمًا فِي " كِتَابِ أَنْوَارِ الْفَجْرِ " بِأَخْبَارِهَا ومُتَعلَّقاتِها فِي نَحْوٍ مِنْ مِائَةِ وَرَقَةٍ .