/م104
وبعد أن بيّنت الآية العقيدة الحقة في نفي الشرك وعبادة الأوثان بكل صراحة وقوة ،تطرقت إِلى بيان دليل ذلك ،دليل من الفطرة .ودليل من العقل:
( وأن أقم وجهك للدين حنيفاً ) وهنا أيضاً لم يكتف بجانب الإِثبات ،بل نفي الطرف المقابل لتأكيد الأمر ،فقالت الآية: ( ولا تكونن من المشركين ) .
«الحنيف »كما قلنا سابقاًتعني: الشخص الذي يميل ويتحول عن طريق الانحراف إِلى جادة الصواب والاستقامة ،وبتعبير آخر: يغض الطرف عن المذاهب والأفكار المنحرفة ،ويتوجه إِلى دين الله المستقيم ،ذلك الدين الموافق للفطرة موافقة كاملة ومستقيمة .وبناء على هذا فإِنّ هذا التعبير يستبطن الإِشارة إِلى كون التوحيد فطرياً في الأعماق ،لأنّ الانحراف شيء خلاف الفطرة ،( فتدبّر ) .