/م76
التّفسير
مُؤامرة خبيثة أُخرى:
في الآيات السابقة رأينا كيف أنَّ المشركين أرادوا مِن خلال مكائدهم المختلفة أن يحرفوا رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الطريق المستقيم ،لكن الله أنجاه بلطفه له ورعايته إِيّاه ،وبذلك فشلت خطط المشركين .
بعد تلك الأحداث ،وطبقاً للآيات التي بين أيدينا ،وضع المشركون خطّة أُخرى للقضاء على دعوة الرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،وهذه الخطّة تقضي بإِبعاد الرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم )عن مسقط رأسه ( مكّة ) إلى مكان آخر قد يكون مجهولا وبعيداً عن الأنظار .إِلاَّ أنَّ هذه الخطّة فشلت أيضاً بلطف الله أيضاً .
الآية الأُولى تقول: ( وإِن كادوا ليستفزونك مِن الأرض ليخرجوك مِنها ) بخطة دقيقة .
وبما أنَّ كلمة «يستفزونك » مُشتقة مِن «استفزاز » التي تأتي في بعض الأحيان بمعنى قطع الجذور ،وفي أحيان أُخرى بمعنى الإِثارة مع السرعة والمهارة ،فإِنّنا نفهم مِن ذلك أنَّ المشركين وضعوا خطّة محكمة تجعل الوسط المحيط بالرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) غير مناسب له ،وتُثير عامّة الناس ضدَّه كي يخرجوه بسهولة مِن مكّة .لكن هؤلاء لا يعرفون أنَّ هناك قوّة أعظم مِن قوّتهم ،وهي قوّة الخالق الكبير حيث تتلاشى إِرادتهم دون إِرادته عزَّ وجلّ .
ثمّ يحذّرهم القرآن بعد ذلك بقوله: ( وإِذاً لا يلبثون خلافك إِلاَّ قليلا )فهؤلاء سيُبادرون بسرعة بسبب ذنبهم العظيم في إِخراج القائد الكفوءالذي تذهب نفسه حسرات على العبادمِن البلد ،إِذ يعتبر ذلك أوضح مداليل كفران النعمة ،ومثل هؤلاء القوم لا يستحقون الحياة ويستحقون العذاب الإِلهي .