/م78
وبعد أن تذكر الآية أوقات الصلوات الخمس تنتقل الآية التي بعدها إلى قوله تعالى: ( ومِن الليل فتهجَّد به ){[2232]} المفسّرون الإِسلاميون المعروفون يعتبرون هذا التعبير إِشارة إلى نافلة الليل التي وردت روايات عديدة في فضيلتها ،وبالرغم مِن أنَّ الآية لا تصرّح بهذا الأمر ،إِلاّ أن هُناك قرائن مُختلفة ترجح هذا التّفسير .
ثمّ تقول الآية ( نافلة لك ) أي برنامج إِضافي علاوة على الفرائض اليومية .
وهذا التعبير اعتبرهُ الكثير بأنَّهُ دليل على وجوب صلاة الليل على الرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،حيث أنَّ هذه ( النافلة ) والتي هي بمعنى ( زيادة في الفريضة ) تخصك أنت دون غيرك يا رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
أمّا البعض الآخر فيعتقد بأنَّ صلاة الليل كانت بالأصل واجبة على الرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقرينة آيات سورة المزمِّل ،إِلاَّ أنَّ هذه الآية نسخت الوجوب وأبدلته بالاستحباب .
ولكن هذا التّفسير ضعيف ،لأنَّ النافلة لم تكن تعني ( الصلاة المستحبّة ) كما نُسميها اليوم ،بل تعني الزيادة والإِضافة ،ونعلم أنَّ صلاة الليل كانت واجبة على الرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،لذلك فهي إِضافية على الفرائض اليومية .
على أيةِ حال في ختام الآية تتوضح نتيجة هذا البرنامج الإِلهي الروحاني الرفيع حيث تقول: ( عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محموداً ) .
ولا ريب فإِنَّ المقام المحمود هو مقام مرتفع جدّاً يستثير الحمد ،حيث أن ( محمود ) مأخوذة مِن ( الحمد ) .وبما أنَّ هذه الكلمة وردت بشكل مطلق ،لذا فقد تكون إِشارة إلى أنَّ حمد الأوّلين والآخرين يشملك .
الرّوايات الإِسلامية الواردة عن طريق أهل البيت( عليهم السلام ) أو عن طريق أهل السنة ،تشير إلى أنَّ المقام المحمود هو مقام الشفاعة الكبرى .فالنّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو أكبر الشفعاء في ذلك العالم ،وشفاعته تشمل الذين يستحقونها .
/خ81