ليسَ الأمر كما يظن هؤلاء أبداً ،فليست الأصنام سوف لا تكون لهم عزّاً وحسب ،بل ستكون منبعاً لذلتهم وعذابهم ،ولهذا فإنّهم سوف ينكرون عبادتهم لها في يوم القيامة: ( كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً ) .
إِن هذه الجملة إِشارة إلى نفس ذلك المطلب الذي نقرؤه في الآية ( 14 ) من سورة فاطر: ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهملا يسمعوا دعاءكم ...ويوم القيامة يكفرون بشرككم ) .وكذلك ما نلاحظه في الآية ( 6 ) من سورة الأحقاف: ( وإِذا حشر الناس كانوا لهم أعداء ) .
وقد احتمل بعض كبار المفسّرين أن المراد من الآية: إِنّ عبدة الأصنام عندما ترفع الحجب في القيامة ،وتتضح كل الحقائق ،ويرون أنفسهم قد فضحوا وخزوا ،فإِنّهم ينكرون عبادة الأصنام ،وسيقفون ضدها ،كما نقرأ ذلك في الآية ( 23 ) من سورة الأنعام: ( والله ربّنا ما كنّا مشركين ) .
إِلاّ أنّ التّفسير الأوّل أنسب مع ظاهر الآية ،لأن عبّاد الأصنام كانوا يريدون أن تكون آلهتهم ومعبوداتهم عزّاً لهم ،إِلاّ أنّهم يصبحون ضدها في النهاية .
ومن الطبيعي أن تكلم المعبودات التي لها عقل وإِدراك كالملائكة والشياطين والجن واضح ومعلوم ،إِلاّ أنّ الآلهة الميتة التي لا روح لها ،من الممكن أن تتكلم بإذن الله وتعلن تنفرها واشمئزازها من عبدتها ومن الممكن أن يستفاد هذا التّفسير من حديث مروي عن الإِمام الصادق( عليه السلام ) حيث قال في تفسير هذه الآية: «يكون هؤلاء الذين اتخذوهم آلهة من دون الله ضداً يوم القيامة ويتبرؤون منهم ومن عبادتهم إلى يوم القيامة » .
والجميل في الأمر أننا نقرأ في ذيل الحديث جملة قصيرة عميقة المحتوى حول العبادة: ليس العبادة هي السجود ولا الركوع ،وإِنّما هي طاعة الرجال ،من أطاع مخلوقاً في معصية الخالق فقد عبده »{[2392]} .