واعلموا أنّي أبتغي ثوابه ووجهه ( وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلاّ على رب العالمين ) .
وهذه التعابير هي التعابير ذاتها التي دعا بها سائر الأنبياء أُمَمهم ،فهي متحدة المآل ومدروسة ،إذ تدعو إلى التقوى ،وتؤكّد على سابقة أمانة النّبي بين قومه ،كما أنّها تؤكّد على أن الهدف من الدعوة إلى الله معنوي فحسب ،وليس ورائها هدف مادي ،ولا يطمع أيّ من الأنبياء بما في يد الآخرين ،ليكون مثاراً للشكوك وذريعةً للمتذرعين !
و «شعيب » كسائر الأنبياء الذين ورد جانب من تأريخ حياتهم في هذه السورة ،فهو يدعو قومه بعد الدعوة العامّة للتقوى وطاعة الله ،إلى إصلاح انحرافاتهم الأخلاقية والاجتماعية وينتقدهم على هذه الانحرافات ،وحيث أن أهم انحراف عند قومه كان الاضطراب الاقتصادي ،والاستثمار والظلم الفاحش في الأثمان والسلع ،والتطفيف في الكيل ،لذلك فقد اهتم بهذه المسائل أكثر من غيرها ،وقال لهم: ( أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس{[2954]} المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) .