لذلك تأتي الآية التي بعدها فتقول: ( ونزعنا من كل أمة شهيداً{[3099]} فقلنا هاتوا برهانكم ) أيّها المشركون الضالون .
وحين تنكشف المسائل وتتجلى الأُمور لا تبقى خافية ( فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون ) .
هؤلاء الشهود هم الأنبياء بقرينة الآيات الأُخرى في القرآن ،إذ أن كل نبي شاهد على أمته ،ونبيّ الإسلام( صلى الله عليه وآله ) الذي هو خاتم الأنبياء هو شهيد على جميع الأنبياء والأُمم ،كما نقرأ ذلك في الآية ( 41 ) من سورة النساء ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) .
فعلى هذا ،ينعقد يوم القيامة مجلس كبير بحضور الأنبياء ،ويؤتى بالمشركين المعاندين عمي القلوب ،وهناك يعرفون الفاجعة العظمى للشرك ،وحقانية الله ،وضلال الأصنام ...بجلاء .
ومن الطريف أن القرآن يعبر ب ( ضل عنهم ما كانوا يفترون ) أي إن تصوراتهم واعتقاداتهم في الأصنام تمحى عنهم يوم القيامة ،لأنّ عرصة القيامة عرصة الحق ،ولا مكان للباطل هناك ،فالباطل يضل هناك ويمحى من الوجود !.
فإذا كان الباطل يغطي وجهه هنا ( في هذا العالم ) بستار من الحق ليخدع الناس أيّاماً ،فهناك تنكشف الحجب ولا يبقى سوى الحق .
نقرأ في رواية عن الإمام الباقر( عليه السلام ) في تفسير ( ونزعنا من كل أمّة شهيداً ) قوله: «ومن هذه الأُمة إمامها »{[3100]} .
وهذا الكلام إشارة إلى أنّه لابدّ في كل عصر وزمان من شاهد معصوم للأُمة ،والحديث آنف الذكر من قبيل بيان مصداق هذا المفهوم القرآني .