سبب النّزول
في سبب نزول هذه الآية روايتان:
الأُولىأنّ رجلاً قال: يا رسول الله نحن نسلّم عليك كما يسلّم بعضنا على بعض ،ألا نسجد لك ؟
قال: لا ينبغي أن يُسجد لأحد من دون الله ،ولكن أكرموا نبيّكم واعرفوا الحقّ لأهله ،فأنزل الله الآية .
الثانيةأنّ أبا رافع من اليهود ومعه رئيس وفد نجران قالا للنبيّ: أتريد أن نعبدك ونتّخذك إلهاً ؟
( ولعلّهم ظنّوا أن مخالفة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لألوهية المسيح ( عليه السلام ) لأنه ليس له نصيب من ذلك ،فلو أنهم رفعوا منزلته إلى مستوى الإله كما هو الحال بالنسبة إلى المسيح ( عليه السلام ) لترك الخلاف معهم ،ولعلّ هذا الاقتراح يستبطن مؤامرة دبّرت لتلويث سمعة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ودفع الأنظار عنه ) ولكن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال: معاذ الله أن أعبد غير الله أو آمر بعبادة غير الله ،ما بذلك بعثني ،ولا بذلك أمرني ،فأنزل الله الآية .
التّفسير
الدعوة إلى عبادة غير الله مستحيلة:
سبق أن قلنا إنّ واحدة من عادات أهل الكتاب القبيحةاليهود والنصارىكانت تزييف الحقائق .من ذلك قولهم بألوهية عيسى ،زاعمين أنّه هو الذي أمرهم بذلك ،وكان هذا ما يريد بعضهم أن يحقّقه بشأن رسول الإسلام أيضاً ،للأسباب التي ذكرناها في نزول الآية .
إنّ الآية ردّ حاسم على جميع الذين كانوا يقترحون عبادة الأنبياء .تقول الآية: ليس لكم أن تعبدوا نبيّ الإسلام ولا أيّ نبيّ آخر ولا الملائكة .ويخطىء من يقول إنّ عيسى قد دعاهم إلى عبادته .
( ما كان لبشر أن يوتيَه الله الكتاب والحُكم والنُبوّة ثمّ يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ) .
الآية تنفي نفياً مطلقاً هذا الأمر .أي أنّ الذين أرسلهم الله وأتاهم العلم والحكمة لا يمكنفي أيّة مرحلة من المراحلأن يتعدّوا حدود العبودية لله .بل إنّ رسل الله هم أسرع خضوعاً له من سائر الناس ،لذلك فهم لا يمكن أن يخرجوا عن طريق العبودية والتوحيد ويجرّوا الناس إلى هوة الشرك .
/خ80