وعبارة ( صالّ الجحيم ) شاهد على الكلام المذكور أعلاه ،لأنّ كلمة ( صالي ) جاءت بصيغة اسم الفاعل ،وعندما تستخدم أي كلمة بصيغة اسم الفاعل بشأن موجود عاقل فإنّها تعطي مفهوم تنفيذ العمل بإرادته واختياره ،مثل ( قاتل ) و ( جالس ) و ( ضارب ) ،إذن فإنّ ( صالّ الجحيم ) تعني رغبة الشخص في الاحتراق بنار جهنّم ،وبهذا تغلق كافّة طرق الأعذار أمام كلّ المنحرفين .
والذي يثير العجب أنّ بعض المفسّرين المعروفين فسّروا الآية بالمعنى التالي: ( إنّكم لا تستطيعون خداع أحد ،إن لم يكن مقدّراً له الاحتراق بنار جهنّم ) .
إن كان حقّاً هذا هو معنى الآية ،فلِمَ يبعث الأنبياء ؟ولأي سبب تنزل الكتب السماوية ؟وما معنى محاسبة ولوم وتوبيخ عبدة الأوثان يوم القيامة التي نصّت عليها الآيات القرآنية ؟وأين ذهب عدل الباري عز وجل ؟
نعم ،يجب قبول هذه الحقيقة ،وهي انّ الإقرار بمبدأ الجبر ضدّ مبدأ الأنبياء تماماً ،ويمسخ كلّ المفاهيم التي بعثوا من أجل ترسيخها ،ويقضي على كلّ القيم الإلهية والإنسانية .
ومن الضروري الالتفات إلى هذه النقطة وهي أنّ ( صالي ) مشتقّة من ( صلى ) وتعني إشعال النار والدخول فيها أو الاحتراق بها و ( فاتن ) اسم فاعل مشتقّة من ( فتنة ) وتعني الذي يثير الفتن والذي يضلّ الآخرين .