/م106
وفي الآية التّالية يدور الكلام على ثبوت خيانة الشاهدين إِذا شهدا بغير الحقّ ،كما جاء في سبب نزول الآية ،فالحكم في مثل هذه الحالةأي عند الإِطلاع على أن الشاهدين قد ارتكبا إِثمّ العدوان على الحقّ وإضاعتههو أن تستعيضوا عنهما باثنين آخرين ممن ظلمهما الشاهدان الأولان ( أي ورثة الميت ) فيشهدان لإحقاق حقهما: ( فإن عثر على أنّهما استحقا إِثماً فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان ) .
يذهب العلاّمة الطبرسي في «مجمع البيان » إلى أنّ هذه الآية تعتبر من حيث المعنى والإِعراب من أعقد الآيات وأصعبها ،ولكن بالالتفات إلى نقطتين نجد أنّها ليست بتلك الصعوبة والتعقيد .
فالنّقطة الأولى: هي أن معنى «استحق » هنا بقرينة كلمة «إِثم » هو إِثمّ العدوان على حق الآخرين .
والنّقطة الثّانية: هي أنّ «الأوليان » تعني هنا «الأولان » أي الشاهدان اللذان كانا عليهما أنّ يشهدا أوّلا ولكنّهما انحرفا عن طريق الحقّ .
وعليه يكون المعنى: إِذا ثبت أنّ الشاهدين الأولين ارتكبا مخالفة ،فيقوم مقامهما اثنان آخران ممن وقع عليهم ظلم الشاهدين الأولين{[1127]} .
ثمّ يبيّن ما ينبغي على هذين الشاهدين أن يفعلاه ( فيقسمان بالله لشهادتنا أحقّ من شهادتهما وما اعتدينا إِنّا إِذاً لمن الظالمين ) .
لمّا كان أولياء الميت على علم بالأموال والأمتعة التي أخذها معه عند سفره أو التي يملكها عموماً ،فيمكن أن يشهدوا على أنّ الشاهدين الأولين قد خانا وظلما ،وتكون هذه الشهادة حسية مبنية على القرائن ،لا حدسية .