قوله تعالى{أم تريدون ان تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل}
قال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية:لم يبين هنا هذا الذي سأل موسى من قبل من هو ؟ ولكنه بينه في موضع آخر . وذلك في قوله{يسألك أهل الكتاب ان تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة} .
وأخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن محمد بن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال: قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد ايتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرأه ، وفجر لنا انهارا نتبعك ونصدقك فأنزل الله في ذلك عن قولهم{أم تريدون ان تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل} .
وأخرج الشيخان بسنديهما عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مرفوعا: "إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرم من أجل مسألته ".
( صحيح البخاري 13/264 رقم7289 –الاعتصام ،ب ما يكره من كثرة السؤال ) ،( وصحيح مسلم –الفضائل ،ب توقيره صلى الله عليه وسلم وترك إكثار سؤاله ) . واللفظ للبخاري . وذكره ابن كثير في ( التفسير1/267 ) .
واخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة مرفوعا قال: "ذروني ما تركتكم .فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم . فإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم . وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه ".
( صحيح البخاري13/248 رقم7288 –الاعتصام ،ب الإقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، ( وصحيح مسلم-الحج 2/975 رقم1337 ،ب فرض الحج مرة في العمر ) . واللفظ لمسلم وهو مختصر من حديث فرض الحج . وذكره ابن كثير في( التفسير1/268 ) .
واخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله{أم تريدون ان تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل} ، أن يريهم الله جهرة . فسألت قريش محمدا صلى الله عليه وسلم ان يجعل الله لهم الصفا ذهبا ، قال:نعم . وهو لكم كمائدة بني إسرائيل إن كفرتم . فأبوا ورجعوا .
وأخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله{أم تريدون ان تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل} ، وكان موسى يسأل ، فقيل له{أرنا الله جهرة} .
قوله تعالى{ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل}
تقدم الكلام عن الإيمان في قوله تعالى{الذين يؤمنون بالغيب ...}الآية( 3 ) من هذه السورة .
وأضيف هنا حديث شعب الإيمان وحديث تذوق طعم الإيمان فقد اخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة مرفوعا: "الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ".
( صحيح البخاري رقم 9- الإيمان ،ب أمور الإيمان ) ، وصحيح مسلم- رقم57 – الإيمان ،ب بيان عدد شعب الإيمان ) . واللفظ لمسلم ولفظ البخاري مختصر .
قوله:شعبة بالضم أي قطعة والمراد الخصلة او الجزء( فتح الباري1/52 ) .
وأخرج مسلم بسنده عن العباس بن عبد المطلب انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ".
( الصحيح رقم56- الإيمان ،ب الدليل على ان من رضي بالله ربا ...) .
وأخرج الشيخان بسنديهما عن أنس مرفوعا: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ان يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وان يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره ان يعود في الكفر كما يكره ان يقذف في النار ".
( صحيح البخاري رقم16 – الإيمان ،ب حلاوة الإيمان ) ، وصحيح مسلم رقم67 –الإيمان ،ب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان ) . واللفظ للبخاري .
هذا والأحاديث كثيرة جدا في خصال الإيمان وشعبه وصنف فيها المؤلفات وأشملها كتاب شعب الإيمان للحليمي ، وشعب الإيمان البيهقي ، وأحاديثه كلها مسندة واختصره القز ويني وهو جزء لطيف ومحقق ومخرج ، وكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية . ومن الكتب المسندة في الإيمان:كتاب الإمام احمد ، وابن أبي شيبة ، والقاسم بن سلام ، وابن مندة .