قوله تعالى{إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين}
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى{إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} ،اعلم أن التحقيق الذي دلت عليه القرائن القرآنية واستقراء القرآن ،أن معنى قوله هنا: إنك لا تسمع الموتى لا يصح فيه من أقوال العلماء إلا تفسيران:
الأول أن المعنى: إنك لا تسمع الموتى: أي لا تسمع الكفار الذين أمات الله قلوبهم ،وكتب عليهم الشقاء في سابق علمه إسماع هدى وانتفاع لأن الله كتب عليهم الشقاء ،فختم على قلوبهم ،وعلى سمعهم ،وجعل على قلوبهم الأكنة ،وفي آذانهم الوقر ،وعلى أبصارهم الغشاوة ،فلا يسمعون الحق سماع اهتداء وانتفاع: ومن القرائن القرآنية الدالة على ما ذكرنا أنه جل وعلا قال بعده:{إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون} ...التفسير الثاني: هو أن المراد بالموتى الذين ماتوا بالفعل ،ولكن المراد بالسماع المنفي في قوله{إنك لا تسمع الموتى} خصوص السماع المعاد الذي ينتفع صاحبه به ،وإن هذا مثل ضرب للكفار ،والكفار يسمعون الصوت ،لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه ،واتباع كما قال تعالى{ومثل الذين كفروا بربهم كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء نداء} ،فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفي عنهم جميع أنواع السماع كما لم ينف ذلك عن الكفار ،بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به ،وأما سماع آخر فلا ،وهذا التفسير الثاني جزم به واقتصر عليه العلامة أبو العباس ابن تيمية رحمه الله .
وانظر سورة البقرة آية ( 17 ) .