قوله تعالى: ( قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين )
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى ( قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين ) .بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه عامل إبليس اللعين بنقيض قصده حيث كان قصده التعاظم والتكبر ،فأخرجه الله صاغرا حقيرا ذليلا ،متصفا بنقيض ما كان يحاوله من العلو والعظمة ،وذلك في قوله ( إنك من الصاغرين ) والصغار: أشد الذل والهوان ،وقوله ( اخرج منها مذموما مدحورا ) ونحو ذلك من الآيات .ويفهم من الآية أن المتكبر لا ينال ما أراد من العظمة والرفعة ،وإنما يحصل له نقيض ذلك؛وصرح تعالى بهذا المعنى في قوله ( إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ) .وبين في مواضع أخر كثير من العواقب السيئة التي تنشأ عن الكبر - أعاذنا الله والمسلمين منه - فمن ذلك أنه سبب لصرف صاحبه عن فهم آيات الله ،والاهتداء بها كما في قوله تعالى ( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ) الآية .ومن ذلك أنه من أسباب الثواء في النار كما في قوله تعالى ( أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) وقوله ( ذلك بأنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ) ومن ذلك أن صاحبه لا يحبه الله تعالى كما في قوله ( لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المتكبرين ) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: ( فاخرج إنك من الصاغرين ) و ( الصغار ) هو الذل .