قوله تعالى:{وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين} كلا ،مفعول للفعل{نقص} و{أنباء الرسل} ،أي سيرتهم وأخبارهم واصطبارهم على أذى أقوامهم .والمعنى: أن كل ما نقصه عليك من أخبار الرسل السابقين مع أممهم الذين شاقوهم شر مشاقة ووقفوا في طريق دعوتهم إلى الله ،وأذاقوهم ألوان الأذى والعذاب{ما نثبت به فؤادك} أي هذا القصص من الله عن أخبار المرسلين المتقدمين هو تثبين لقلبك وتقوية لك على التحمل والتمكن من تبليغ رسالة الله ،فلا تبتئس أو تجزع من تكذيب المشركين وإيذائهم لك .
قوله:{وجاءك في هذه الحق وموعظة}{هذه} ،يعني السورة .وهو قول كثير من المفسرين وأهل العلم .وقد خص السورة لما فيها من أخبار المرسلين وما لاقوه من أذى المشركين الخاسرين فما آمن لهم إلا القليل .لكن أكثر من في الأرض لجوا في طغيانهم وأبوا إلا العتو والجحود والاستكبار فنجى الله الفئة القليلة المؤمنة ،واهلك الكثرة الكاثرة من الناس وهم الضالون الظالمون ،إذ أخذهم أخا عزيز مقتدر .فلا جرم أن تجيء هذه السورة حافلة بأخبار الحق والموعظة والذكرى التي يزدجر منها أولو الألباب والنهي ،أو يعتبرون مما حاق بالسالفين الأولين من سوء المصير .