{فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ} أي استخراج السقاية وهي صواع الملك من وعاء أخيه بنيامين .
قوله:{كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} الكاف في اسم الإشارة في محل نصب صفة لمصدر محذوف .و{كدنا} من الكيد وهو المكر والحيلة{[2269]} ؛أي مثل ذلك الكيد{كِدْنَا لِيُوسُفَ} يعني علمناه إياه ( الكيد ) وأوحينا به إليه ليكون له سبيلا لأخذ أخيه منهم .
قوله:{مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ}{دين الملك} أي حكمه وقضاؤه .والمعنى: أن يوسف ما كان ليستطيع أن يأخذ أخاه بنيامين في شريعة ملك مصر ،إذ كان في شريعته أن السارق يغرم ضعفي ما سرق{إلا أن يشاء الله} استثناء منقطع .يعني: لكن أخذه بمشيئة الله في دين غير الملك وهو دين آل يعقوب ،أن السارق جزاؤه الاسترقاق{[2270]} .
{نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء} أي يرفع الله درجات من يشاء رفع درجاته{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}{ذي علم} ،أل عالم .والمعنى: أن كل عالم فوقه من هو أرفع منه درجة في العلم .قال الحسن البصري: ليس من عالم إلا فوقه عالم حتى ينتهي إلى الله عز وجل .وعن ابن عباس قال في ذلك: يكون هذا أعلم من هذا ،وهذا أعلم من هذا ،والله فوق كل عالم .وقال قتادة:{وفوق كل ذي علم عليم} ،حتى ينتهي العلم إلى الله ،منه بدئ وتعلمت العلماء وإليه يعود{[2271]} .