قوله تعالى:{قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ} إن كان أخونا هذا قد سرق فهو يتأسى بمن سرق قلبه ،فقد سرق أخ له من قبله .وهم يقصدون بذلك يوسف عليه السلام ؛فقد ذكر أن يوسف كان قد سرق صنما لجده فكسره ،فكأنهم بذلك يقولون ليسوف وهم لا يعرفونه: إن كان إخوة يوسف من قلبه قد سرق فليس بدعا من أخيه هذا أن يسرق ،فهم بذلك ينسبون السرقة إلى الأخوين الشقيقين كليهما إزالة للمعرة عنهم .
قوله:{فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ} الضمير في{فأسرها} مفسر بسياق الكلام{[2272]} ؛أي أسر في نفسه الحزازة والتألم والمضاضة من سوء ما سمعه من إخوته الذين كادوا له من قبل ،وما فتئوا حتى الساعة يفترون عليه الباطل ؛فقد أخفى يوسف ذلك كله في نفسه ولم يظهره لهم ثم قال لهم:{أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ} ذلك قول يوسف موبخا إياهم بعد أن كره مقالتهم التي حزت في نفسه ؛لأنها مقالة ظلم واتهام بالباطل .و{مكانا} ،تمييز منصوب ؛أي أنتم شر منزلة من غيركم ؛فقد سرقتم أخاكم من أبيكم وألقيتموه في المهلكة ورحتم تفترون الكذب والباطل على أبيكم{والله أعلم بما تصفون} أي أعلم بما تذكرون وتتقولون{[2273]} .