قوله: ( وقل جاء الحق وزهق الباطل ) المراد بالحق ،الإسلام ،بكل ما فيه من الخير والرحمة والنعمة للبشر ،وما حواه من هائل الأحكام والمعاني في كل مناحي الحياة ،وهو منهج الله القويم أنزله للناس ليستضيئوا بنوره الساطع ،وليهتدوا به في دنياهم ؛فيحيوا حياتهم هذه آمنين سعداء ،وقد أظلتهم أفياء المودة والأخوة والأمان .
ذلك هو الحق الذي هتف به الرسول الأمين ( ص ) لما أمره ربه أن يتلو على الناس ( وقل جاء الحق وزهق الباطل ) ( زهق ) ،بمعنى اضمحل وبطل ؛أي ظهر الإسلام .واضمحل وزال ماعداه ،فما عداه باطل ( إن الباطل كان زهوقا ) والباطل يتناول كل وجوه الكفر على اختلاف صوره ومسمياته .ومن طبيعة ذلك كله الزهوق وهو البطلان والزوال لا محالة .فأيما باطل فإنه زاهق ؛إذ هو في ذاته باطل ؛لأنه بني على الفساد والأثرة والهوى والإدبار الكامل عن منهج الله .فهو لا محالة صائر إلى الزهوق ،وهو البطلان المحقق والانهيار الشامل الكامل .وهذه حقيقة لا ينكرها إلا تائه مخدوع أو سقيم النفس ،سادر في الجهالة والوهم .وبذلك أيما محجة أو طريقة أو أسلوب مغاير لمنهج الله وهو الإسلام ،فإن مصيره التدمير والزوال والخسران في هذه الدنيا ،قبل الخسران الأكبر يوم القيامة .
وفي هذا الصدد أخرج البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: دخل النبي ( ص ) مكة وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب .وفي رواية: صنم ،فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: ( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) ( جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ){[2732]} .