قوله: ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ) قال ابن عباس: قالت اليهود ،لما قال لهم النبي ( ص ): ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) قالوا: وكيف وقد أوتينا التوراة ،ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا فنزلت ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي ) الآية .وقيل: قالت اليهود: إنك أوتيت الحكمة ،ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا .فرد عليهم بأنه: وإن أوتيت القرآن وأتيتم التوراة ؛فهي بالنسبة لكلمات الله تعالى قليلة{[2875]} .والمراد بكلمات الله: حكمته البالغة وعلمه الذي لا ينتهي .والمداد ،ما يكتب به من الحبر .
والمعنى: أنه لو كان ماء البحار كلها مدادا لتكتب به كلمات علم الله لفني ماء البحار وزال ،وإن جيء إليها بأضعاف أخرى مضاعفة ،وبقيت كلمات علم الله قائمة لا تنتهي ولا تفنى ؛أي أن البحار كيفما تكن من الاتساع والعظمة ومعها أضعافها فإنها متناهية ولا تفنى ؛أي أن البحار كيفما تكن من الاتساع والعظمة ومعها أضعافها فإنها متناهية لكن معلومات الله غير متناهية .والمتناهي لا يفي بغير المتناهي ؛ذلك أن علم الله صفة ظاهرة من صفاته العظيمة .وهو سبحانه بكماله المطلق منزه عن النقائص والعيوب .وما ينبغي لكماله أن يتناهى علمه أو تحيط به القيود والحدود ؛بل الله عليم بما جرى وما هو جار من أخبار وأحوال وعلوم وأسرار وأقدار وحقائق لا يعلمها إلا هو ؛فعلمه المطلق لا تدركه الأبصار ولا تحيط به الأكوان والكائنات ؛فهو بذلك لا يحصيه المداد ولو كان في سعة الأمواج والمحيطات .