قوله تعالى:{وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون .بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون} تقص هذه الآيات بعض أخبار بني إسرائيل وما كان يخطه لهم الأحبار في الكتب عن تصورات ومفاهيم زائفة .وذلك من جملة ما كانت أحبار بني إسرائيل تكتبه بأيديهم لينسبوه إلى الله ليشتروا به ثمنا قليلا .فقد كانوا يغلطون في هذيان وتخريف أنهم إذا دخلوا النار فسوف يبرحونها بعد أيام قلائل ،قال بعضهم: إنها سبعة أيام ،وقال آخرون: أربعون يوما ،وذلك عدد أيامهم التي عبدوا فيها العجل ،إلى غير ذلك من التخريص والتقول الذي يعتمد الهوى المتعصب أو الجهل المطبق المضلل .
وقوله:{قل أتخذتم عند عهدا فلن يخلف الله عهده} يسأل الله على لسان نبيه سؤال المستنكر الموبخ إن كان هؤلاء المفترون الحالمون قد أعطوا من الله عهدا فيما نشروه من مُكثهم في النار أياما معدودات .فإن كان الله قد خولهم مثل هذا العهد فإن موف بما عاهد .لكن الحقيقة لا مراء فيها أن شيئا من هذا العهد لم يكن ،ولكنه التخريص والدجل ،أو الاختلاف التي لا مراء فيها أن شيئا من هذا العهد لم يكن ،ولكنه التخريص والدجل ،أو الاختلاق المفترى الذي يهذي به هؤلاء الشُداد والمرضى .وأكرم رد وأوفاه على مثل هذا التقول هو قوله سبحانه:{أم تقولون على الله ما لا تعملون} ( أم ) معادلة لهمزة الاستفهام بمعنى أي الأمرين كائن على سبيل التقرير للعلم بوقوع أحدهما .وقيل: منقطعة بمعنى بل ،وذلك تأكيد على أن هؤلاء يتقولون على الله الكذب بغير علم ولا هدى .وذلك شأن الذين لا يستحيون من الله ،ولا يجدون في أنفسهم أثارة من خشية أو تورع ،والذين ترين على صدورهم أكنة كثاف من الشك والسوء والرغبة الضالة في التمرد على الله العياذ بالله .