قوله:{أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة} ليس المقصود بذلك اليهود وحدهم لشراء الحياة الدنيا وما فيها من متاع سريع زائل بدل الآخرة التي أعرضوا عنها ولم يعبأوا بالعمل والسير من أجلها .ليس المقصود اليهود وحدهم- وإن كانوا في طليعة الناكبين عن منهج الله اللاصقين بالدنيا ومتاعها وزخرفها- ولكن مقصود الآية يمتد ليشمل كل قبيل من البشر يبيع آخرته بدنياه ،ويظل رهين الشهوة والمتاع ،يستوي في ذلك أن يكون هؤلاء الأشرار الأشقياء من اليهود أو من العرب أو الفرس أو من غيرهم .وأولئك جميعا قد أعد الله لهم نظير شرهم وشقوتهم عذابا لا يقبل التخفيف في يوم من الأيام ،بل إن يزداد مع مرور الزمان اشتدادا في اللهيب والاستعار .وكذلك فإن هؤلاء سوف لا يجدون لهم من يأخذ بأيديهم صوب النجاة والخلاص من هذا العذاب الأليم ،ولن يكن لهم أي نصير يستطيع أن يعينهم أو أن يدرأ عنهم العذاب حتى ولو ساعة من نهار ؛لذلك قال سبحانه:{فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون}{[93]} .