قوله:{إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} قال محمد بن إسحاق في كتاب السيرة في سبب نزول هذه الآية: وجلس رسول الله ( ص ) فيما بلغني يوما مع الوليد بن المغيرة في المسجد فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم وفي المسجد غير واحد من رجال قريش فتكلم رسول الله ( ص ) فعرض له النضر بن الحارث فكلمه رسول الله ( ص ) حتى أفحمه ،وتلا عليه وعليهم ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) ثم قام رسول الله ( ص ) وأقبل عبد الله بن الزبعرى حتى جلس معهم فقال الوليد بن المغيرة لعبد الله بن الزبعرى: والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفا ولا قعد .وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا كهذه حصب جهنم .فقال عبد الله الزبعرى: أما والله لو وجدته لخصمته ،فسلوا محمدا: كل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده ؛فنحن نعبد الملائكة ،واليهود تعبد عزيرا ،والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم ،فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى ورأوا أنه قد احتج وخاصم .فذكر ذلك لرسول الله ( ص ) فقال:"كل من أحب أن يُعبد من دون الله فهو مع من عبده ؛إنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته "فنزلت الآية .وقيل: لما اعترض ابن الزبعرى قيل لهم: ألستم قوما عربا ،أو ما تعلمون أن ( من ) لمن يعقل .و ( ما ) لما لا يعقل ؟فبطل اعتراضه .
و ( الحسنى ) ،تأنيث الأحسن .والمراد بها السعادة والنجاة والفوز بالجنة ،وأولئك مبعدون عن النار وما فيها من عذاب .