قوله تعالى: ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهمولهم عذاب أليم ) نزلت هذه الآية في نفر من رؤساء اليهود منهم حيي بن أخطب ،إذ كتموا ما عهد الله إليهم في التوراة من شأن محمد صلى الله عليه و سلم ،وبدلوه ،وكتبوا بأيديهم غيره ،وحلفوا أنه من عند الله لئلا يفوتهم الرشا{[499]} .والمآكل التي كانت لهم على أتباعهم{[500]} .ومعنى الآية أن هؤلاء اليهود الذين يعتاضون عما عاهدوا الله عليه من الإيمان بمحمد صلى الله عليه و سلم واتباع دينه وشرعه وبيان صفته وحقيقته للناس ،ويعتاضون عن أيمانهم الفاجرة الكاذبة بأنهم يؤمنون بالنبي وبنصرته ،بالأثمان الخسائس من عروض هذه الدنيا العاجلة الفانية ( أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ) أي لا حظ لهم في خيرات الآخرة ولا نصيب لهم من نعيم الجنة ( ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ) أي لا يكلمهم بما يسرهم وينفعهم .وكلام الله لعباده المؤمنين يوم القيامة فيه تشريف لهم وتكريم ،لكن الفساق الكفرة لا ينالهم من ذلك أيما تكريم ،وكذلك لا ينظر إليهم بعين اللطف والرحمة .
قوله: ( ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) أي لا يطهرهم من دنس الذنوب والمعاصي ثم يبوؤون بالعذاب الموجع جزاء عتوهم وفسقهم عن أمر الله الذي أوجب عليهم أن يظهروا للناس ما حوته التوراة من نبوة محمد صلى الله عليه و سلم وصدق رسالته .