قوله تعالى:{قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم ( 76 ) قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل} ذلك توبيخ من الله للنصارى عقب التعجيب من أحوالهم وفعالهم والمراد بالذي لا يملك الضر والنفع هو عيسى عليه الصلاة والسلام .ومعنى الآية: أتعبدون عيسى وهو كأحدكم لا يملك أن يضركم بمثل ما يضركم الله من البلايا والمصائب والنوائب في الأنفس والأموال .وهو كذلك لا يملك أن ينفعكم بمثل ما ينفعكم به الله من السعة في الرزق والصحة في البدن ونحو ذلك مما ليس في مقدور عيسى أن يفعله ،بل الله وحده قادر على كل شيء .وفي ذلك دليل قاطع ومكشوف على أن أمر عيسى مناف للربوبية .إذ لا يملك لأحد ضرا ولا نفعا .ومن صفات الرب الخالق أنه قادر على فعل كل شيء .وما من شيء إلا هو ضمن إرادته ومقدوره .
قوله:{والله هو السميع العليم} الجملة حالية متعلقة بقوله:{أتعبدون} وهي تتضمن توبيخا فيه وعيد للنصارى لتفريطهم في حق الله واتخاذهم عيسى وأمه إلهين من دونه .وتقدير المعنى: كيف تعبدون غير الله وتشركون معه من لا يقدر على شيء وأنتم تعلمون أن الله وحده مختص بالإحاطة بكل معلوم ومسموع .بل إن الله وحده يسمع ويعلم كل ما يدب أو يجري في العالمين .