قوله:{قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها} الافتراء ،الاختلاق والكذب{[1471]} والملة ،معناها الدين والشريعة{[1472]} .
ذلك إقرار كامل من شعيب عليه الصلاة والسلام ببطلان ما سوى ملة الإسلام حيث التوحيد واليقين وتصديق النبين أجمعين ،ومجانبة الشرك والمشركين .إقرار كامل بأن العود إلى ملة الكفر بعد التنجية منها سقوط في ظلام الكفر والضلال وانتكاس إلى ردة الجحد والباطل بعد أن من الله بالتنحية والإنقاذ من هذه الوهدة المظلمة السحيقة .
قوله:{وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا} أي ما يستقيم لنا وما ينبغي أن نعود في ملتكم –ملة الكفر والباطل- إلا حال مشيئة الله .فإن يشأ الله إضلال أحد أضله .على أن إيراد هذا الاستثناء قد جيء به على سبيل الإيمان المطلق بقدر الله فإن كان قد سبق في علم الله وتقديره العود في ملتهم ؛فإن حكم الله في ذلك نافذ .ومع ذلك فإن المؤمن المدكر الحريص ،له في كل الأحوال والأوقات بالغ الرجاء والضراعة إلى الله أن يكتبه في زمرة الناجين الآمنين مكره وعذابه .
قوله:{وسع ربنا كل شيء علما} علما منصوب على التمييز ؛أي أحاط علم الله بكل شيء فلا يند عن علمه شيء من المعلومات ؛فهو عليم بما هو كائن وما سيكون سواء في ذلك هداية الناس وضلالهم ،أو ما هم صائرون إليه في كل حال .
قوله:{على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين} أي اعتمدنا على الله دون أحد سواه في أن يثبتنا على الحق والإيمان ،وأن يحول بيننا وبين الباطل وأهله ،وأن يدرأ عنا شر الفتن ويعصمنا من البلايا والنقم ،وأن يدفع عنا كذلك ما توعدتمونا به من ظلم الإخراج وفظاعة الإضلال والفتنة .
وبعد أن أيس شعيب من استجابة قومه وأيقن أنهم لا محالة سادرون في الغي والضلال دون انثناء أو رجوع ،عندئذ دعا ربه أن{افتح بيننا وبين قومك بالحق وأنت خير الفاتحين} أي اقض بيننا وبين قومنا المشركين بالحق وهو نصر المحقين وإهلاك المبطلين .