قوله:{الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين} .
اسم الموصول الأول في محل رفع مبتدأ ،وخبره{كأن لم يغنوا فيها}{[1475]} ويغنوا: يقيموا .غني بالمكان ؛أي أقام به .والغاني يعني النازل .والمغنى المنزل .وجمعه المعاني وهي المنازل أو المواضع التي يقام فيها{[1476]} ،وهذا بيان مثير ،ينشر في النفس مزيجا من الخوف والتحسر والأسى لحال الكافرين من قوم شعيب ،هؤلاء الذين أقاموا في نعيم من العيش الرخي ،لكنهم طغوا واستكبروا وأبوا إلا الكفر والفساد في الأرض ؛فأخذهم الله نكال جحودهم وعصيانهم شر أخذة .أخذهم بالزلزلة الماحقة التي تقطع القلوب تقطيعا وتمزق الأجساد تمزيقا ،فقطع دابر القوم واستؤصلت كأنهم لم يكونوا ولم يقيموا في موطنهم .
ثم كرر على سبيل التأكيد والمبالغة في التحسير والتخويف{الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين}{هم} ضمير فصل .{الخاسرين} خبر كانوا ،أي أن الذين كذبوا نبيهم شعيبا هم الذين خسروا أنفسهم ؛إذ أوردوها النار وبئس المورود ،وليس كما زعموا من قبل أن الذين يتبعون شعيبا خاسرون .