أجر الداعية على الله
{وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} إن عليك أن تتابع مسيرتك مهما لاقيت من صعوبات ومهما واجهت من تحديات ،لأنك لن تفقد شيئاً في هذا السبيل ،لأن الذين يخافون من ضغوطات المجتمع عليهم ،أو انحساره عنهم ،هم الذين يتقدمون منه ،ليأخذوا أجراً على جهدهم ،من مال وجاه وشهرة ،أو موقع قوة يمكنهم من تحقيق بعض الأغراض الذاتية ،ولهذا فإنهم يخشون على كل هذه الامتيازات المطلوبة ،من الضياع .
أمّا الرسل والدعاة فهم لا يريدون أجراً على جهدهم إلا من الله ،لأنهم يتحركون من مواقع الرسالة ،لذا فهم لا يجدون ما يفقدونه ،أو يخسرونه من أموال الناس وامتيازاتهم ،لأن القرآن ،في فكره وشريعته ومنهجه ،ليس سلعةً للتجارة ،{إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} في ما يريد الله أن يذكر الناس به مما يرفع مستواهم في الحياة ،ليعرفوا أن الدنيا ليست فرصة للهو والعبث ،بل هي فرصةً لإقامة الحق والعدل ،والطاعة لله ،والعبودية له في جميع ذلك ؛حتى اللهو أو العبث عندما يسمح الله به ،فإنه لا بد أن يكون بالطريقة التي تجدد نشاط الإنسان ،وتغذي حيويته ،ولا تبعد روحه ،ووعيه للحياة عن الله ،ليدرك بعد ذلك ،أن الآخرة شيءٌ لا يتنكر لحاجات الدنيا الواقعية التي تحفظ للإنسان حياته وتحقق له وجوده .