{لَفِيفًا}: التف بعضهم ببعض .
{وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ} وأطيعوا الله ورسوله في ما يأمركم به وينهاكم عنه ،مما يقربكم إلى الحق ،ويبعدكم عن الباطل ...{فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرةِ} في يوم القيامة ،وجاءت ساعة الحساب التي يثاب فيها المحسن على إحسانه ،ويعاقب فيها المسيء على إساءته ،{جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} أي مجموعاً ملفوفاً بعضكم إلى بعض ،لتواجهوا ما كنتم تختلفون فيه ،فيفصل الله بينكم في ذلك كله .
وهناك احتمالٌ آخر ،في تفسير كلمة{وَعْدُ الآخرة} وذلك بأن يكون المراد به «ما ذكره اللهسبحانهفي أول السورة في ما قضى إلى بني إسرائيل بقوله:{فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا} وإن لم يذكره جمهور المفسرين ،فينعطف بذلك ذيل الكلام في السورة إلى صدره ،ويكون المراد أنا أمرناهم بعد غرق فرعون أن اسكنوا الأرض المقدسة التي كان يمنعكم منها فرعون والبثوا فيها ،حتى إذا جاء وعد الآخرة التي يلتف بكم فيها البلاء بالقتل والأسر والجلاء… جمعناكم منها ،وجئنا بكم لفيفاً ،وذلك أسارتهم وإجلاؤهم إلى بابل .
ولكننا نلاحظ على ذلك ،أن مجرد وحدة الكلمة في الموردين لا يعني اتفاق المعنى ،لأن الكلمة تأخذ مضمونها من خلال السياق الذي يحيط بها ،ولهذا فإن السياق هنا ،يرتكز على مسألة فريق فرعون وفريق موسى ،اللذين اختلفا في الدنيا ولم يصلوا إلى نتيجةٍ حاسمةٍ في موقعٍ متوازنٍ تتعادل فيه القوى ،ويتحرك فيها الحوار على هذا الأساس ،فيريد الله أن يجمعهم في الآخرة ليفصل بينهم في ما كانوا فيه يختلفون .
وبذلك فإن التفسير الذي جاء به جمهور المفسرين هو الأقرب إلى ظاهر الآية ؛والله العالم .