{يَخِرُّونَ}: يسقطون .
تأثير القرآن وامتداد الزمن
{قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ} فلن يتوقف الأمر عليكم ليتحدّد موقع القرآن تبعاً لموقفكم منه ،من خلال ما قد تتخيلونه من أن الإيمان به يمنحه كل القوّة ،وأن الكفر به يضعفه ويسقطه عن التأثير والاعتبار .فقد يكون هناك قوم آخرون غيركم ،ممن يعيشون في هذه المرحلة ،أو ممن يأتون بعدها ،وهم الذين يملكون العلم عن دليلٍ وبرهانٍ ،ويعرفون سرّ الإعجاز فيه ،وسموّ العظمة في أسلوبه ومضمونه ،فيفهمونه جيداً ،ويخضعون له لإيمانهم العميق به ،لأن العلم المنفتح هو الذي يفتح للإنسان أبواب الإيمان بالله وبرسالاته وبرسله .
{إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِه} أي من قبل نزوله ،سواء كانوا ممن أوتوا الكتاب ،وهم أهل الكتاب المؤمنون الواعون ،أو كانوا من غيرهم ،وهم الحنيفيون الذين ساروا على الخط المستقيم في التوحيد وتمردوا على خط الشرك .{إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ} القرآن في آياته التي تجسد عظمة الله ،{يَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ سُجَّدًا} في تعبير صارخ عن الخضوع المطلق لله والانسحاق أمامه ،باعتبار أن السجود أعلى مظاهر الخضوع ،ويمكن أن يكون ذكر الأذقان ،باعتبار أن الذقن أقرب أجزاء الوجه من الأرض عند السجود ،أو يكون المراد بها الوجوه على نحو المجاز تعبيراً عن الكل بالجزء ،وهؤلاء الذين يسجدون لله بهذه الروح الخاشعة الذليلة ينطلقون من معرفتهم بالله الذي يطلُّ بهم على عظمته وأسرار قوّته .