واتخذوا من دون الله آلهة ..فماذا كانت النتيجة ؟
..وتستمر آيات السورة في الحديث عن خلفيات الشرك في ذهنية هؤلاء المشركين ،وعن تفكيرهم المتخلّف المنحرف في تصورهم للذات الإلهية ،لتعالج ذلك كله بالطريقة القرآنية التي تفضح هذه الذهنية وتتحدث عن النتائج السلبية العملية في الدنيا والآخرة ،في ذلك كله .
{وَاتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً} تلك هي خلفية الشرك لدى هؤلاء الناس ،فهم يشعرون بالضعف الذي يسيطر عليهم في كثير من جوانب الحياة ،ويبحثون عن أساس للقوة والحماية ،فيلجأون إلى الملائكة ،والجن ،والقديسين من البشر ،والطغاة من الملوك والرؤساء ،ويتخيلون لهم خصائص مقدسة تمنحهم إمكانات عجائبية تنقذهم من الأشباح المخيفة والأحداث المرعبة ،والأمراض المهلكة ،والأوضاع الصعبة ونحو ذلك ...وتبدأ عملية العبادة بالأساليب المتنوعة في تقديم القرابين وأداء طقوس الطاعة التي ينفّذون بها كل أوامرهم وتبعدهم عن نواهيهم ،ويتعاظم الخيال المقدس في أفكارهم ومشاعرهم ،فيتصورونهم في مواقع الآلهة ،ويتحولون في وعيهم إلى شركاء لله بدرجات متفاوتة .
وربما يفكر البعض من هؤلاء المتألِّهين ،أنهم الأقرب إلى الله ،من خلال ذلك ،وهكذا هم يستطيعون التوسط إلى الله ،ليقرِّبوهم إليه ،لأن عظمته تمنع الناس العاديين من أن يتصلوا به في مرحلة التصور ،لتتحول إلى فكرة التقديس في مرحلة العبادة .
إن القضية كل القضية ،هي أن الضعفاء الذين يعيشون المذلّة ،يبحثون في خيالات التخلُّف عما يعطيهم شيئاً من العزة ويمنحهم شيئاً من القوة .ولكنهم سيكتشفون خطأ هذه الأفكار عندما يواجهون هؤلاء الآلهة ،في يوم القيامة ،في الموقف العصيب أمام الله ،إذ سيتبرأ كل هؤلاء منهم بعد أن يحمّلوهم المسؤولية عن جميع أعمالهم ،لأنهم أضعف من أن يستطيعوا لهم شيئاً .