{الْحَرْثِ}: الزرع .
{نَفَشَتْ}: النّفش: رعي الماشية بالليل دون راعٍ .
يشير الله إلى داود وسليمان في قصة حكمهما ،كنموذج للأنبياء الذين كانوا يملكون النفاذ إلى حياة الناس في تفاصيلها اليومية من مواقع الامتيازات النوعية في القوة والقدرة ،وفي الخصائص التي خصّهم الله بها ،وذلك ،كجزءٍ من التصور العام الذي يريد القرآن أن يتمثّله المؤمنون في مسألة النبوّة والأنبياء ،ليقفوا حيث يريد الله منهم أن يقفوا في قضايا الغيب المحدودة ،فلا يتوسعون إلى أبعد من ذلك في ما تثيره الأوهام ،مما قد يقترب إلى أجواء الخرافة ،كما يريد لهم أن يدرسوا الجوانب السلبية في الأجواء المحيطة بهم ،كما يدرسون الجوانب الإيجابية في ذلك .
{وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ} في قضية تتعلق بالزرع أو الكرم ،{إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} فدخلت إلى الأرض المملوءة بالزرع أو الشجر وعبثت فيه حتى أفسدته وأتلفت البعض منه ؛وجاء أصحاب الحرث إلى داود وسليمان ،فاختلف داود وسليمان في الحكم في المسألة ،فقضى داود بالغنم لصاحب الزرع ،ولما علم سليمان بذلك قال لأبيه: الأرفق بالرجلين أن يأخذ صاحب الأرض الغنم لينتفع بها ،لا على سبيل الملك ،وأن يأخذ صاحب الغنم الأرض ليصلحها حتى يعود الزرع ،كما كان ،وعندها يترادّان فيأخذ هذا غنمه وذاك زرعه ،فاستحسن داود حكم ولده وعمل به ،{وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} فقد كان حكم كل واحدٍ منهما تحت رقابة الله وفي حضوره ،فهو الشاهد على ما يصدر من خلقه ،سواءً كانوا من الأنبياء أو من غيرهم ،ولا مانع من الإتيان بضمير الجمع في مورد التثنية باعتبار معنى الجمع ،فقد يرد ذلك في بعض الأساليب ،أمّا إعادة الضمير إلى الأنبياء ،كما قال به صاحب تفسير الميزان ،ففيه غموض ،لعدم تقدُّم ذكر لهم في مجال الحكم بصيغة الجمع من خلال الواقع الخارجي .