آفاق القرآن ودوره
ما هي آفاق هذا القرآن ؟وما هو دوره ؟وما هي طبيعته ؟إنه ليس كتاباً تجريدياً يتحدث عن الفكر في مجالات الفراغ ،ويحلّق في آفاق الخيال ،بل هو كتاب يرصد الواقع في الماضي والحاضر ،لينفتح فيه على طبيعة المجتمعات التي يكثر فيها الخلاف وتتحرك فيها مواقع الصراع ،ليعالج ذلك كله بأسلوبه المرتكز على الحكمة في الفكرة والمنهج ،فيجد فيه كل مجتمع نفسه ،ويحسّ بأنه يمثل صورته الحقيقية في كل مفرداته وأوضاعه ،وهو في الوقت نفسه يخطط للطريق المستقيم الذي يصل بالناس إلى أهدافهم القويمة ،ويوحي لهم بكل المعاني الخيّرة التي تفيض بالحب والرحمة والسعادة والطمأنينة .
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} الذين يمثلون الامتداد التاريخي لمجتمع الرسالات{أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} من قضايا العقيدة والحياة .ولكن لا لتكون القصة سبيلاً للمتعة واللهو وملء الفراغ ،كما يتحدث القصاصون عن التاريخ وحكاياته ،بل لتكون منطلق حديث عن عمق الجذور الفكرية والروحية لتلك الخلافات وعما يمكن أن يصل إليه من النتائج الحاسمة في قضايا الحق والباطل ،والخير والشرّ ،والانحراف والاستقامة ،وذلك من أجل تصحيح الخطأ ،وتقويم الانحراف ،لأنه يستهدف تثبيت القواعد الفكرية والأخلاقية التي جاءت بها الرسالات في حركة الحياة ،