{إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى} الذين لا تتحرك الحياة في أفكارهم ومشاعرهم من موقع الوعي ،بل تتحرك فيها من موقع اللهو والعبث واللامبالاة ،فلا يواجهون الحقيقة من قاعدة المسؤولية ،في إحساسٍ متبلّد ،وتفكير ميِّت ،فمثلهم مثل الموتى في نتائج الموقف وإن اختلفوا عنهم في شكل الحياة ،في الحركة المادية في الجسد ،لأن المسألة في انطلاقة الانفعال بالرسالة هي مسألة الحياة المنفعلة بالمسؤولية من خلالها لا مسألة الحياة في ذاتها ،في ما تبتعد فيه الروح عن التفاعل مع الفكرة التي تواجهها في خط الدعوة ،لأن فقدان الاهتمام بالشيء يعني فقدان الإحساس به .
{وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَآءَ} الذي تدعوهم إليه ليفكروا فيه ويناقشوه ،ليقتنعوا به من خلال الحجة القائمة عليه ،مما يمكن أن يكون هؤلاء مثلاً حياً له ،على أساس أن السمع الذي يملكه الإنسان لا قيمة له إذا لم يعمل على التوجه لما يثار حوله من القضايا التي يتحدث بها الآخرون ،فإذا فقد التوجه إلى ذلك ،كان السمع وعدمه على حدّ سواء ،وكان الإنسان الذي يملك السمع بمنزلة الأصم في النتيجة العملية للموقف .وهكذا كان هؤلاء الكفرة بمنزلة الصم عندما يدعوهم النبي إلى الإسلام{إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ} ومعرضين عن سماع الدعوة الرسالية ،من خلال أجواء العناد الروحي الذي يرفض الانفتاح على كل دعوة للتفكير وللحوار حول الرأي الآخر .