{وَمَآ أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ} من هؤلاء الذين يعيشون العمى العقلي والقلبي ،في ما يمكن أن يثيره النبي من القضايا الرسالية في العقيدة والعمل ليدلهم على الطريق المستقيم الذي يدعوهم إلى رؤيته في ما يواجهونه من الطرق المتنوّعة ،ليعرفوا كيف تتحرك البدايات نحو النهايات في خط الاستقامة ومجالات التوازن ،في قضايا الإنسان والحياة ،والعلاقة بالله .ولكنهم أغلقوا عيون عقولهم وقلوبهم عن ذلك كله ،تماماً كما هم العمي في مواجهتهم للأمور التي تحتاج إلى بصر ،ولذلك فإن من غير الممكن أن يتمكن النبي من هدايتهم ،لأن الشرط لذلك أن تكون لديهم إرادة الرؤية والاهتداء ،فإذا فقدوا ذلك ،فإن المحاولة تتحول إلى نوعٍ من العبث .
{إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} لأن الإيمان المنطلق من الفطرة المنفتحة على حقائق الإيمان ،يجعل الإنسان المؤمن في حركةٍ دائمةٍ نحو المعرفة التفصيلية لكل ما يريده الله للإنسان وللحياة ،في عمق المسؤولية وامتدادها ،ليحدد موقفه من ذلك كله في خط الطاعة المطلقة لله ،والخضوع الخاشع لإرادته ،وهذا هو دور المؤمنين في حركة الحقيقة القادمة من وحي الله{فَهُم مُّسْلِمُونَ} .