{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ} في حركةٍ استعراضية ،يحاول من خلالها أن يبهر عيون الناس بقوته المالية ،مما يمنحه قدرةً على إظهار مظاهر الأبّهة والزينة والجمال ،من الثياب التي يلبسها ،والخيول التي يركبها ويستعرضها ،والخدم الذين يحيطون به ويخدمونه ،وما إلى ذلك ممّا يملكه أصحاب الأموال الكبيرة ،ليخضع الناس لهم كهؤلاء الذين يخضعون للثراء ولزخارف الحياة وبهارجها ،لأن الحياة الدنيا عندهم هي كل شيءٍ ،فهي القيمة والهدف في وجودهم .
{قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} الذين بهرتهم زينة قارون ،ورأوا فيها عظمة القوّة وكانت هي كل غايتهم في الحياة ،في ما يسعون إليه ويطلبونه ،فلا يرون وراءها غايةً مما ينتظر الإنسان في الدار الآخرة عند الله .وبهذا انطلقت تمنياتهم في تنهّدةٍ طويلة:{يا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} فقد بلغ هذا الرجل غايته ،فيا ليتنا نبلغ مثل هذه الغاية التي هي منتهى السعادة !ولكن المسألة مسألة حظٍ ونصيب ،وقد حصل قارون على الحظ العظيم دوننا ،فيا لسعادته الكبرى .