{وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ} من الناس الذين نفذوا إلى حقائق الأمور بعلمهم ،وعرفوا نهاياتها بإيمانهم ،واستطاعوا الوصول إلى النتيجة الحاسمة التي تؤكد للإنسان أن الدنيا بكل قوتها وزينتها عرض زائل ،لا يملك معه الإنسان ثباتاً وعمقاً وامتداداً ،وكان قولهم لهؤلاء البسطاء الذين يريدون الحياة الدنيا وحدها ،في غفلةٍ عن الآخرة{وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} فهو الضمانة الوحيدة للخلاص ،لأنه هو الذي يتعهد الإنسان في حياته في ما يتعهده من النعم والرعاية والخير الكبير ،وهو الذي ينتظره في الآخرة ليدخله جنته ،وليمنحه رحمته ورضوانه ،ليعيش النعيم الخالد الذي لا فناء فيه ،{وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ الصَّابِرُونَ} الذين يصبرون على نوازع أنفسهم وشهواتها وعلى تحديات الآخرين واستعراضاتهم ،وعلى انتظار الغاية الباقية في أجواء الأوضاع الفانية ،وعلى مرارة الآلام التي تصيبهم من خلال مواقفهم ،وعلى قسوة الحياة الصعبة في مواقع رضى الله ،وعلى مواجهة المسؤوليات الكبيرة من عمق الإرادة الإيمانية وصلابة العقيدة ،لأن التحرك في مواجهة التيار القويّ المندفع ،يحتاج إلى قوّة التحمُّل لتلقِّي ضربات التيار ،والصابرون وحدهم هم الذين يواجهون تيارات الكفر والضلال والطغيان المندفعة إلى حياتهم لإبعادهم عن طريق الله .