في الآية الأولى ،تأكيد على مبدأ وحدة الرسالات ووحدة الرّسل في قضية الإيمان في صلب العقيدة الإسلامية ،لأنَّ ذلك هو معنى الإسلام للّه ،من خلال ما تعنيه كلمة الإسلام ،وذلك لأنَّ إنكار أيّ نبيّ أو أيّ كتاب من كتب الأنبياء يعني إنكار حقيقة ثابتة من عند اللّه ،ما يؤدّي إلى أن يكون التمرّد هو طابع الإنسان المنكر أمام اللّه ،فلا مجال للتفريق بينهم في الإيمان على أساس العصبيّة التي لا تستند إلى أساس من حقيقة ،بل ترجع إلى نوازع ذاتية مرضيّة معقّدة ،وذلك ليس شأن المسلم .
وذلك قوله تعالى: [ قُل] يا محمَّد لكلّ هؤلاء الذين يثيرون الخلافات في الأنبياء ليفرّقوا في الإيمان بين نبيّ ونبيّ ،فيلتزمون بنبوّة شخص وينكرون نبوّة آخر ،في الوقت الذي يفرض الإيمان بالسابق الإيمان باللاحق من خلال بشارته به ،وتصديق الآخر له ،قل لهؤلاء إنَّ الإيمان الذي تدعو إليه هو الإيمان الشامل الذي يرتكز على الحجّة الشاملة للجميع ،[ آمنَّا باللّه وما أنزل علينا] من الكتاب [ وما أنزل على إبراهيم وإسحاق ويعقوب والأسباط] الذين يلتزمون الوحي الإلهي النازل على إبراهيم في الصحف المنزلة عليه [ وما أوتي موسى] في التوراة ،[ وعيسى] في الإنجيل ،
[ والنَّبيُّون من ربِّهم] كما في زبور داود ،[ لا نفرّق بين أحدٍ منهم] فهمجميعاًرسل اللّه في معنى إيماننا [ ونحن له مسلمون] بكلّ عقولنا وقلوبنا وإرادتنا وحركتنا ،ولذلك فإنَّنا نؤمن بالكتاب كلّه ،فلا عقدة عندنا من أيّ نبيّ من أنبياء اللّه ،ولا مشكلة عندنا في أيّ كتابٍ من كتبه المنزلة .والعنوان الكبير الذي يجمع إيمان الرسالات في وجدان إنساني واحد ،هو الانفتاح على اللّه بكلِّ الذات الإنسانية ،فلا تنغلق عنه في معنى العقيدة والشريعة والمنهج والحركة والحياة ،بل تلتزمه في ذلك كلّه ،فهذا هو الدين الواحد المتنوّع الأبعاد .