{وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ* وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّآفُّونَ* وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} قيل: إنه من كلام جبريل أو هو وأعوانه من ملائكة الوحيعلى نحو الجملة الاعتراضيةعلى ما يعطيه السياقنظير قوله تعالى في سورة مريم:{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذلِكَ} [ مري:64] .
والآيات الثلاث مسوقة لرد قولهم بألوهية الملائكة بإيراد نفس اعترافهم بما ينتفي به قول الكفار ،وهم لا ينفون العبودية عن الملائكة ،بل يرون أنهم مربوبون للهسبحانهأرباب وآلهة لمن دونهم يستقلون بالتصرف في ما فوض إليهم من أمر العالم من غير أن يرتبط شيء من هذا التدبير إلى الله سبحانه ،وهذا هو الذي ينفيه الملائكة عن أنفسهم ،لا كونهم أسباباً متوسطةً بينه تعالى وبين خلقه ،كما قال تعالى{بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ* لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}[ 2] [ الأنبياء:26 27] .
وخلاصة الفكرة التي تثيرها الآيات ،أن الملائكة يؤكدون بأن لكل واحد منهم دوراً معيناً ،ومقاماً معلوماً في ما يفوضه الله إليهم من مهمّاتِ في حركة الكون ،وأنهم الذين يقفون أمام الله صفّاً في انتظار أوامره الكونية ،وأنهم الذين يرفعون التسبيح إلى مقام قدسه ،في عبادتهم الخالصة التي ينزهون فيها الله عن كل ما لا يليق به .