معنى القتال في سبيل الله
{وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الذي حدّد لكم أهدافكم في رسالته التي تدعوكم إلى إقامة حكم الله في الأرض وتشييد الحق والعدل وهدم الباطل والظلم ،فينبغي لكم أن تنطلقوا بكل الوسائل التي تحقق للإسلام حريته في الدعوة إلى الله في كل مناحي الأرض ،{وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدَنِ} الذين يتعرضون لأبشع أنواع الظلم والقهر والاستبداد{الَّذِينَ يَقُولُونَ} تحت وطأة الوضع الذي لا يطاق ،في ابتهالٍ خاشع مستغيث:{رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ} مكة{الظَّالِمِ أَهْلُهَا} لكل الناس الذين لا يخضعون لهم من الضعفاء الذين لا يملكون مقومات القوة الذاتية ،فيلجأون إلى الله ليجعل لهم السبيل إلى القوة حيث لا قوة ،وإلى النصرة حيث لا نصرة .{وَاجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ نَصِيراً} وأيّ دور أعظم من هذا الدور الذي جعله الله للمؤمنين ،وأي تكريم أفضل من هذا التكريم الذي منحهم إياه ،في ما أراده منهم من القيام بشؤون الولاية والنصرة للمستضعفين ،باعتبارهم القوة المؤمنة العادلة التي تعمل لتنفيذ إرادة الله في الأرض ،وفقاً لسننه في مسيرة الحياة التي جرت على أن النصر الذي يمنحه الله لعباده لا بد أن يتم بالأسباب الطبيعية التي وضعها بين أيديهم .
وهكذا نفهم ،من خلال هذه الآية ،رفض الفكرة التي يوجهها أعداء الإسلام للإسلام بأنه دين العنف والقتال ،فإن العنف لم يكن إلا لتدمير العنف الظالم الذي يتمثل في القوى الغاشمة التي تضغط على إرادة المستضعفين ،أمّا ما عدا ذلك ،فإن الإسلام دين الرحمة والمحبة الذي يحتوي الحياة كلها بكل وداعة وتسامحٍ واطمئنان .