الخط الفاصل بين قتال المؤمنين وقتال الكافرين
ويختم الله هذا النداء بتقرير الحقيقة الإيمانية ،في الخط الفاصل بين قتال المؤمنين وقتال الكافرين ؛فإن المؤمنين يقاتلون في سبيل الله ،فليس لهم أيّ هدف يتصل بالحالة الشخصية للمقاتل ،أو بالنوازع الذاتية التي تربطه بعلاقاته وشهواته وأطماعه ،أو بالأشخاص الذين يمثلون خط الطاغوت في الفكر والعمل والموقف ،بل كل ما هناك ،أنه يقاتل في سبيل الله الذي هو الوجه المشرق لسلامة الحياة والإنسان .أما الكفار ،فإنهم يقاتلون في سبيل الطاغوت ،بما يمثّله من الفكر الباطل والحكم الطاغي والشريعة المنحرفة والأهواء الضالة والفريق الظالم والفئة الشريرة الكافرة ،وهذا ما يوحي للمؤمنين دائماً بتحديد الساحة التي يقاتلون فيها ،من خلال تحديد القيادة التي تقود الساحة ،والحكم الذي يحكمها ،والأفكار التي تسيطر عليها ،والأهداف التي تستهدفها ،والجبهة التي تعمل معها ،أو تحاربها ...
فذلك هو الذي يحقق له مصداقية شخصيته الإيمانية من جهة ،ويمنح موقفه الشرعية الإسلامية ؛فلا يمكن للمؤمنين أن يقاتلوا أولياء الله ،مهما كانت الظروف والنتائج ،لأن ذلك يعني الحرب على الله بشكل غير مباشر .وقد نحتاج إلى التدقيق في تطبيق هذا الخط على مسيرتنا الإسلامية ،في مثل هذه العصور التي فقد فيها المسلمون الحكم الذي ينطلق من مواقع الشرعية الإسلامية ،واختلفتفي الوقت ذاتهالأوضاع التي تتحرك في أكثر من صيغةٍ سياسية في حياتنا ،مما يمكنمعهأن يلتبس على الإنسان الحق والباطل ،ويشتبه عليه المخلصون من المنافقين .
{الَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ} لأنهم الذين يمثلون الطاغوت في كل جوانب حياتهم الفكرية والعملية ؛ولا تخافوا من كيدهم وشرّهم وطغيانهم ،لأنهم يستمدّون قوتهم من الشيطان الذي يملك قوة محدودة تتحرك من خلال الوسائل المادية التي يقدمها لأتباعه ،ولكنها سرعان ما تتهاوى أمام الموقف الصلب الذي يقفه المؤمنون ،انطلاقاً من قوة الله المطلقة التي لا تقف عند حد{إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} .