{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ} سادّين بذلك مجالات الحوار ،لأنهم ليسوا مستعدين للتنازل عن عاداتهم ،كما أن لوطاً غير مستعد للتراجع عن دعوته ،ولذلك فإن الموقف لا يحتمل التسويات .
المجتمعات المنحرفة ترفض دعوة التطهّر
وقد عبّر قوم لوط عن هذه العقليّة من جانبهم في رفضهم للطهارة الأخلاقية التي تدعو إليها الرسالات ،بما وصفوا به آل لوط ،كتبريرٍ للدعوة لإخراجهم{إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} ،فيقفون ضد أساليب القذارة في الحياة ،ليثيروا في مجتمعنا سلبيات هذه الأساليب ،فيخلقوا له عقدةً في ممارساته ؛ليتحول ذلك إلى حالةٍ رافضةٍ مستقبليةٍ في الأجيال الجديدة التي قد تتقبل مثل هذه الدعوات ،لما تثيره في الإنسان من دوافع الفطرة .وربما كان هذا الأسلوب في الرد السلبي على دعوة التطهر ،هو أسلوب المجتمعات المنحرفة التي تعتبر وجود الفئات الخيّرة ،وما تثيره في المجتمع من معاني الخير والصلاح ،تحدياً صامتاً لكل طروحاتهم وأوضاعهم ،وهذا ما يجعلهم لا يطيقون التعايش معهم في بلدهمحتى لو كانوا صامتينلأنهم يخافون منهم على أنفسهم ،قبل أن يخافوا منهم على غيرهم ،لأن النفس قد تستيقظ على نوازع الخير في بعض حالاتها الطيّبة الهادئة ،فتنجذب لا شعورياً إلى ما تدعوها إليه ،وقد يتأكد هذا الاتجاه كلما تكرّرت الدعوة ،أو حدثت الأجواء الملائمة لذلك ...ولهذا يتحوّل ردُّ الفعل إلى مواجهةٍ عنيفةٍ بالتهديد بطردهم وقتلهم ،وممارسة كل الأساليب السلبية ضدّهم ،بعيداً عن كل حوارٍ أو لقاءٍ للحوار .