{وَتَصُدُّونَ}: تصرفون عن الفعل بالإغواء فيه .يقال: صدّه عن الأمر: منعه .
{وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا} فقد كانوا يرصدون المؤمنين ويراقبونهم في كل طريق من طرق الاستقامة التي ينطلقون فيها على أساس الخط الفكري والعملي للإيمان ،ليتوعّدوهم ويتهدّدوهم فيسدُّوا عليهم كل الأبواب والمنافذ ،ليعطلوا مسيرتهم ويجمّدوا انطلاقتهم ،من خلال الضغوط المتنوّعة التي تمنع المؤمنين من ممارسة حريتهم في الفكر والعمل ...وهذا ما أراد شعيب أن يحذّر منه ،فيهيب بقومه أن لا يحرموا المؤمنين من حريتهم ،كما لا يريدون هم أن يحرمهم الآخرون من هذه الحرية ،وأن لا ينحرفوا بالطريق عن الخط المستقيم ،لتتحرك في الاتجاه المعوج ،لأن ذلك يبعدهم عن الاتجاه السليم الذي ينقذ حياتهم وحياة الآخرين .
شعيب في موقع التذكير والتحذير لقومه
{وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ} في ما أفاض الله عليكم من نعمه ،حيث جعل منكم قوةً بعد أن كنتم في مواقع الضعف ،من خلال موازين الكثرة والقلة ،فقد تنفع الذكرى ،فتوحي إليكم بأن الذي أعطاكم نعمة القوة بالكثرة ،قادرٌ على أن يسلبكم ذلك بالقلّة ،فلا بد من شكر هذه النعمة ،بالسير على ما يريده الله منكم .
{وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} الذين استغلّوا نعم الله في إفساد البلاد والعباد ،فأهلكهم الله بذنوبهم بعد أن ظنوا أن الحياة قد فتحت لهم ذراعيها ،ومنحتهم كل شيء ،واغتروا بكثرتهم وقوّتهم ،ولكن قضايا المصير ترتبط بنهايات الأمور لا ببداياتها ...فانظروا كيف كانت عاقبتهم السيئة ،وكيف تحوّل كل ذلك الجوّ المملوء بالكبرياء والخيلاء إلى جوّ مليءٍ بالحقارة والذلّة والبلاء ...