/م78
المفردات:
زهق: أي: زال واضمحل .من زهق روحه يزهق ؛إذا خرج .
التفسير:
81-{وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا} .
{وقل جاء الحق} .أي: الإسلام{وزهق الباطل} أي: اضمحل الشر من زهقت ؛نفسه إذا خرجت .
أمره الله أن يقول ذلك: استبشارا ؛بقرب الظفر والنصر وترهيبا للمشركين !
{إن الباطل كان زهوقا} .أي: مضمحلا غير ثابت في كل وقت .
تلك حقيقة لدنية يقررها القرآن بصيغة التوكيد .وإن بدا للنضرة الأولى أن للباطل صولة ودولة ،فالباطل ينتفخ وينفش ؛لأنه باطل لا يطمئن إلى حقيقة ،ومن ثم يحاول أن يموه على العين ،وأن يبدوا عظيما كبيرا ضخما راسخا ،ولكنه هش سريع العطب ،كشعلة الهشيم ،ترتفع في الفضاء عاليا ثم تخبو سريعا وتستحيل إلى رماد ،بينما الجمرة الذاكية تدفئ وتنفع وتبقى ،وكالزبد يطفو على الماء ولكنه يذهب جفاء ويبقى الماء .
{إن الباطل كان زهوقا} ،ومن ورائه الشيطان ومن ورائه السلطان .ولكن وعد الله أصدق وسلطان الله أقوى وما من مؤمن ذاق طعم الإيمان ،إلا وذاق معه حلاوة الوعد ،وصدق العهد ،ومن أوفى بعهده من الله ؟ومن أصدق من الله حديثا ؟!{[472]} .
تنبيه:
قال القاسمي:
سياق هذه الآيات مع ما سبقها أعني: قوله تعالى:{وإن كادوا ليستفزونك من الأرض} يدل على أن نزولها في أوقات الاهتمام للهجرة إلى المدينة ،ومبارحة مكة وأنه تعالى أمر نبيه بأن يبتهل إليه في تيسير هجرته وإخراجه من بلده ،وأن يجعل له حماية من لدنه تعز جانبه وتعصمه ممن يرومه بسوء .
وأسلوب التنزيل العزيز في مثل هذا الدعاء هو إرادة الخبر بحصول المدعو ،ومشيئة الله بوقوعه عن قرب .ولذلك عقبه بقوله:{وقل جاء الحق وزهق الباطل} ؛إعلاما بأن الأمر قد تم ،والفرج جاء ودحر الباطل ورجع إلى أصله ،وهو العدم{[473]} .
أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وكان حول البيت ثلاثمائة وستون صنما ،فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: ( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ،جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ){[474]} وفي رواية للطبراني والبيهيقي عن ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلم جاء ومعه قضيب فجعل يهوي به إلى كل صنم فيها فيخر لوجهه فيقول: ( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) حتى مر عليها كلها .
قال في الإكليل: فيه استحباب تلاوة هذه الآية عند إزالة المنكر .