/م105
107 - وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ .
أرسل الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم على حين فترة من الرسل ،فكان رحمة مهداة ،وكانت شريعته جامعة لمطالب الجسم والروح ،مشتملة على أصول التشريع ،ومكارم الأخلاق ،وجوامع الآداب ،وأصول الخير والبر ،وتركت للعقل البشري أن يجتهد في شئون دينه ودنياه ،في كل ما يجد أمام الإنسان ،وقد اشتمل القرآن على أصول الرحمة والدعوة إلى التراحم والتعاطف ،وكان صلى الله عليه وآله وسلم أرحم الناس ،قال تعالى: لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ .( التوبة: 128 ) .
والرحمة سمة ملموسة في التشريع الإسلامي ،لذلك خفف الله عن المريض والمسافر الصوم في رمضان ،وأباح للحامل والمرضع والشيخ الكبير الإفطار في رمضان ،وفتح الله باب التوبة لكل المذنبين ،ونهى عن اليأس والقنوط ،ودعا الناس جميعا إلى الدخول في رحابه واللجوء إلى كنفه قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم .( الزمر: 54 ) .
وقال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ .( الأعراف: 156 ) .
وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مبلغ الرسالة ،والرحمة المهداة ،الذي تحمل المشاق في الدعوة إلى هذا الدين في مكة والمدينة ،ولم يرسله الله سبابا ولا لعانا ،بل أرسله ليتمم مكارم الأخلاق ،وقد وضعت هذه الرسالة أسس الحق والخير ،ومبادئ الكمال والبر ،فكانت نعمة على الناس أجمعين .
عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى:
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ .
قال: من تبعه كان له رحمة في الدنيا والآخرة ،ومن لم يتبعه عوفي مما كان يبتلى به سائر الأمم من الخسف والمسخ والقذف33 .