التفسير:
77- قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ ...الآية
بين الله فيما سبق انحراف اليهود والنصارى عن دينهم القويم ثم دعاهم إلى التوبة والاستغفار .وهنا ينهاهم عن الغلو في الدين ومجاوزة الحد .
قال الزمخشري: دلت الآية على أن الغلو في الدين غلوان: غلو حق: هو أن يفحص عن حقائقه ،و يفتش عن أباعد معانيه ،ويجتهد في تحصيل حججه كما يفعل المتكلمون ...غلو باطل: وهو أن يتجاوز الحق ويتخطاه بالإعراض عن الأدلة وإتباع الشبه كما يفعل أهل الأهواء والبدع والضلال{[303]} .
ومعنى الآية: قل لهم يا محمد ،يأهل الكتاب لا ينبغي لمن أن اتتجاوزوا القصد ،ولا أن تخرجوا عن الحق والصواب كأن تعبدوا غير الله مع أنه هو الذي خلقكم ورزقكم ،وكأن تصفوا عيسى بأوصاف هو برئ منها .
روى أحمد والنسائي وابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إياكم والغلو في الدين ،فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين "{[304]} .
وروى البخاري عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ،وإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله"{[305]} .
وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ .أي: لا يبغي لكم أن تنقادوا لشهوات الأحبار والرهبان من أسلافكم وعلمانكم ورؤسائكم الذين قد ضلوا من قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ؛بتحريفهم للكتب السماوية .
فأظلوا كثيرا ممن اتبعوهم وقلدوهم ووافقوهم على أكاذيبهم .
وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ .أي: عن الطريق الواضح الذي أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو طريق الإسلام .